آلاف العوائل الايزيدية التي غادرت مخيمات النزوح ما تزال بانتظار استلام المنحة المالية التي خصصتها الحكومة الاتحادية للعوائل الراغبة بالعودة، رغم حاجتهم لأضعاف تلك المنحة لكي يستأنفوا حياتهم الطبيعية.
تشير الاحصائيات التي حصلت عليها (كركوك ناو) من المؤسسات و الجهات المعنية بشؤون النازحين، من مجموع 11 ألف عائلة ايزيدية قدّمت استمارات خاصة بمنحة الحكومة الاتحادية العراقية، 20 عائلة فقط استلمت تلك المنحة.
مقدار منحة الحكومة الاتحادية هو مليون و 500 لأف دينار عراقي توزّع لكل عائلة نازحة بعد عودتها لديارها عن طريق دوائر الهجرة والمهجرين في المحافظات.
تقول النازحة الايزيدية نسيما حسن، بأن الأضرار التي أصابت منزل وممتلكات عائلتها جراء هجمات داعش أضعاف المنحة المخصصة لهم، وهم بحاجة الى أكثر من ذلك لكي يستأنفوا حياتهم الطبيعية. بعد قضاء ست سنوات في المخيمات، اضطرت نسيما لمغادرة المخيم و ملء الاستمارة الخاصة بالحصول على منحة الحكومة الاتحادية.
"والدي مصاب بالشلل وغير قادر على العمل، عائلنا مؤلفة من 9 أفراد، تقدّمنا مرتين للحصول على المنحة الحكومية ولم نستلم ديناراً واحداً بعد"، حسبما قالت نسيما لـ(كركوك ناو).
عائلة نسيما نزحت في آب 2014 من ناحية القحطانية (كر عزير) صوب جبل سنجار. اسوةً بآلاف العوائل النازحة الأخرى، تعرض منزلهم لأضرار جسيمة.
نحن محرومون من المساعدات الأخرى التي توزع على النازحين مثل الأغذية والوقود
"حالياً لا نُعَدّ من النازحين لأننا ملأنا استمارة المنحة، لذا نحن محرومون من المساعدات الأخرى التي توزع على النازحين مثل الأغذية والوقود، حياتنا باتت صعبة بصورة لا توصف،" على حد قول نسيما حسن.
في اطار مساعيها لإغلاق كافة مخيمات النازحين قبل نهاية 2020، أعادت الحكومة العراقية أعداداً كبيرة من النازحين الى مناطقهم الأصلية و أغلقت المخيمات في عدد من المحافظات.
علي شعبو، مدير مخيم سردشت في جبل سنجار قال لـ(كركوك ناو) "هناك عوائل غادرت المخيم منذ أكثر من عامين بعد ملئها للاستمارة الخاصة بالمنحة لكنها لم تستلم تلك المنحة."
ويقول شعبو بأن 11 ألف عائلة ايزيدية تقدّمت بطلبات في دوائر الهجرة والمهجرين لتسلم المنحة، من ضمنهم أكثر من أربعة آلاف عائلة من سكنة مركز قضاء سنجار، خمسة آلاف عائلة من ناحية سنوني اضافةً الى سكان مناطق القضاء الأخرى."
ويرى مدير مخيم سردشت بأن هناك تمييزاً يحدث فيما يتعلق بالمنحة الحكومية، "لدينا معلومات تفيد بأن نازحي المناطق الأخرى مثل الأنبار و نينوى قد استلموا المنح الحكومية بعد عودتهم لمناطقهم، لكن لا يُعرَف متى ستحصل العوائل الايزيدية على المنحة رغم عدم وجود مشاكل في استماراتهم."
وقال علي شعبو "لا بأس ان تأخر صرف المنح لأربعة أو ستة اشهر، لكن ليس من المعقول أن يتأخر صرفها لعامين، في حين أن المبلغ المخصص قليل جداً مقارنةً بحجم الأضرار."
وكانت الحكومة العراقية قد لجأت الى الاقتراض بموجب قانون صادق عليه البرلمان لتأمين رواتب الموظفين، بسبب العجز المالي الذي نتج عن انخفاض أسعار النفط، الأزمة المالية و تداعيات جائحة كورونا خلال الأشهر الماضية.
م يحصل أي تمييز في المنح التي تم توزيعها لحد الآن بين النازحين
اسكندر محمد أمين، مسؤول دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك أوضح لـ(كركوك ناو) بأن توزيع المنحة الحكومية المخصصة للنازحين العائدين قد تم تعليقه لفترة، وقال "لكن لم يحصل أي تمييز في المنح التي تم توزيعها لحد الآن بين النازحين سواء كانوا مسيحيين، ايزيديين، مسلمين أو من المكونات الأخرى."
وشدد على أن أي عائلة لا توجد ثغرات أو مشاكل في استمارتها ستحصل بالتأكيد على المنحة.
رغم اغلاق المخيمات في معظم المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية، لكن اقليم كوردستان لايزال يأوي أكثر من 730 ألف نازح داخلي يشكل الايزيديون 30% منهم، وذلك حسب احصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات في حكومة اقليم كوردستان لشهر تشرين الأول 2020.
من جانبه، قال حسين حسن نرمو، عضو لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي في تصريح لـ(كركوك ناو) "هناك محسوبيات في توزيع منح النازحين، علاوةً على وجود ملاحظات كثيرة حول آلية التوزيع، لكننا نمارس الضغط على الوزارة لكي تقوم بصرف المنح للنازحين الايزيديين وقد وعدونا بذلك."
وأشار النائب حسين حسن نرمو الى أنه تم لحد اليوم توزيع تسع وجبات من المنح الحكومية على النازحين، غير أن الايزيديين شكّلوا النسبة الأقل بينهم، في حين أن أكثر من 11 ألف عائلة ايزيدية عادت الى مناطقها و ملأت استمارات المنح، "كان من المفروض أن يحصل ما لا يقل عن نصفهم على المنح."
خلال فترة الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش) (2014 – 2017) و سيطرتها على أجزاء واسعة من العراق، نزح ما يقرب من ستة ملايين شخص من مناطقهم الأصلية، لم يعد أكثر من مليون شخص لديارهم لحد الآن.
علي عمر كعبو، معاون محافظ نينوى لشؤون النازحين قال لـ(كركوك ناو) "وصلتنا شكاوى من الايزيديين بخصوص عدم استلامهم للمنحة البالغة مليون و 500 ألف دينار، أخطرنا وزارة الهجرة حول هذا الأمر و يقول مسؤولو الوزارة بأن الايزيديين تأخروا في ملء استمارات المنح مقارنة بغيرهم لذا تأخر صرف المنح لهم."
ولفت الى أن عدد المستفيدين من المنحة الحكومية في نينوى وصل الى أكثر من ألفي عائلة، أغلبهم من أهالي مناطق تلعفر، تلكيف و سهل نينوى، بينما تضمن ذلك العدد ما بين 10 الى 20 عائلة ايزيدية.
"لسنا مقتنعين بأعذار الوزارة... وزيرة الهجرة والمهجرين تعهدت أثناء زيارتها لمحافظة نينوى بمعالجة مشكلة صرف منح الايزيديين، لكنها لم تَفِ بوعدها بحجة عدم توفر السيولة" حسبما قال كعبو الذي أكّد على أن ادارة المحافظة مصرة على ايجاد حل للمشكلة.