فيما مضى كان مخيم النازحين بالنسبة لـ(نيسان) "جحيماً" ، لم يكن لديها أصدقاء، الجميع كانوا يسخرون منها و ينعتونها بالـ"قزمة"، تركت المدرسة و تقوقعت في خيمتها في ظل ظروف نفسية سيئة، في بيت لم يكن له مصدر للمعيشة.
نيسان ميرزا، نازحة من ذوي الاحتياجات الخاصة تعيش في مخيم كبرتوو بمحافظة دهوك، رأت بأن الوضع الذي تعيش فيه لن يساعدها في تغيير أي شيء في حياتها، عاهدت نفسها على أن تكمل دراستها، وأن تكسب ثقة و حب أهالي المخيم، هي الآن تساعد عائلتها ايضاَ.
قصة نيسان
قبل ست سنوات نزحت نيسان ميرزا درويش (20 سنة) من سنجار بعد سيطرة تنظيم داعش على القضاء في آب 2014، ومنذ ذلك اليوم تعيش مع عائلتها في مخيم كبرتوو.
اذا كانت حياة النزوح صعبة على سكان المخيم، فإن صعوبتها مضاعفة بالنسبة لنيسان، الى جانب هموم النزوح، باتت سخرية واستهزاء بعض الناس عائقاً أمام تحقيقها لأحلامها.
"عندما أتينا الى المخيم، انقطعت عن الدراسة بسبب عدم وجود مدارس، في العام التالي قررت العودة الى الدراسة، لكن بسبب قصر قامتي تعرضت للسخرية، بحيث لم أستطع تحمل ذلك الوضع فتركت الدراسة"، كان هذا أول عائق واجه نيسان حسبما قالت لـ(كركوك ناو).
عندما نزحت نيسان كانت في الصف السابع الأساسي، لم يكن أحد يصادقها في مدرسة المخيم، وكما تقول "كانوا ينظرون الي بشكل مختلف"، نتيجة لذلك، أخبرت والدها بأنها لن تذهب للمدرسة مجدداً.
تقول نيسان "لم أكن أعاني من هذه المشكلة في سنجار لأن معظم طلاب مدرستي كانوا أقربائي أو جيراني، لم أتعرض أبداً للسخرية هناك، لكن بالنسبة لسكان المخيم كنت شخصاً غريباً"، قررت نيسان تغيير نظرة الناس لها وذلك من خلال إظهار مواهبها وامكانياتها.
بعد عامين قضته في النزوح، قررت السعي لتحقيق أحلامها، عادت للدراسة وهي الآن في الصف التاسع الأساسي.
"تجاهلت سخريات الطلاب تدريجياً، أكملت الصفين السابع والتاسع بتفوق، وكان لذلك تأثير على رأي الناس حول شخص قصير القامة"، لهذه الطريقة تغلبت نيسان على بعض العوائق.
استعراض امكانياتها الأخرى... تحقيق الأحلام
تقول نيسان بأنها تعشق التصوير، علاوة على ذلك، حفّزتها مصاعب الحياة في المخيمات على التفكير في أرشفة ما كانت تشهده يومياً.
"قلت لوالدي في أحد الأيام: أرغب في الحصول على آلة تصوير، لم يكن يملك المال، لكنني علمت بأنه اقترض المال واشترى لي آلة تصوير بمبلغ 250 دولار"، فبدأت نيسان مزاولة التصوير. "أقوم بتوثيق وأرشفة مشاهد الحياة الصعبة التي يعيشها النازحون، بالأخص النساء والأطفال، أو أي حدث أراه مهماً ومثيراً للاهتمام ويستحق الأرشفة."
منذ أن اشترى لها والدها آلة التصوير، بات أرشيف نيسان يضم 15 ألف صورة فوتوغرافية.
حول ذلك تقول "فرحت كثيراً لأن حلمي قد تحقق". يتجمع سكان المخيم يومياً حولها لكي يلقوا نظرة على الصور التي التقطتها لهم.
تحقيق ذلك الحلم، بفضل جهودها و مساعدة والدها، شجّع نيسان على ايجاد طريقة لمكافأة والدها، ففكرت في عمل شيء تتمكن عن طريقه من كسب لقمة العيش لعائلتها، تقول نيسان "لم يكن لدينا أي مصدر دخل."
وتضيف "فكّرت في فتح محل لبيع القرطاسية داخل المخيم، فطلبت مرة اخرى من والدي مساعدتي."
ساعدها والدها وبعد فترة أدرّ عملها عليها بالربح، وتمكنت من شراء آلة استنساخ.
بعد فترة قررت تصوير مناسبات الزفاف مقابل مبلغ من المال يتراوح بين 30 الى 100 دولار.
أصبحت نيسان صاحبة عمل ومكانة خاصة بها، الجميع يحبونها وينادونها بـ"الفتاة المصورة".
"وأنا أفكر دائماً في تقديم أفضل الأعمال لسكان المخيم."
تقول نيسان "صرفت عائلتي الكال لكي تحقق أحلامي، وأنا الآن أرد لهم الدَّين... وذلك كبر حلم بالنسبة لي."
الى جانب نيلها ثقة وحب سكان المخيم، تمكنت نيسان من تحقيق حلمها بالقدرة على مساعدة ابيها، لذا تطلب من الجميع أن لا يستسلموا وتقول "قَدِّروا مواهبكم و امكانياتكم لكي تتمكنوا من خلالها كسب ثقة و حب الناس"، وتخص بالذكر ذوي الاحتياجات الخاصة.