في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، أدانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جنين هينيس-بلاسخارت، الهجوم الصاروخي الذي وقع في أربيل ووصفته بالمحاولة الطائشة لتهديد استقرار العراق. كما تناولت المسوؤلة الأممية ملف الانتخابات التي تم تغيير موعدها والحالة الإنسانية والاقتصادية في البلاد.
وفي الاجتماع الافتراضي الذي عقده مجلس الأمن وتناول الوضع في العراق، استهلت جنين هينيس-بلاسخارت كلمتها بإدانة الهجوم الصاروخي الدامي الذي وقع الليلة الماضية في أربيل.
وقالت: "تشكل هذه المحاولات الطائشة لتأجيج التوترات، تهديدات خطيرة لاستقرار العراق" ودعت إلى التعاون الوثيق بين بغداد وأربيل لتقديم الجناة للعدالة، مشددة على أن العلاقة الإيجابية والمستقرة بين العراق الاتحادي وإقليم كردستان أمر ذو أهمية مطلقة لاستقرار البلد بأكمله.
تغيير موعد الانتخابات
تأتي إحاطة المسؤولة الأممية بعد قرار مجلس الوزراء العراقي، بالتشاور مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تحديد موعد جديد للانتخابات العراقية، وهو 10 تشرين الأول 2021 – بعد أربعة أشهر من الموعد المقرر.
وبحسب مندوب العراق لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، فقد أقرّ أيضا مجلس النواب قانون تمويل الانتخابات المبكرة بمقدار 329 مليار دينار عراقي، وقسّم قانون الانتخابات الجديد العراق إلى 83 دائرة انتخابية، كما أعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات عن تسجيل 433 حزبا لخوض الانتخابات.
وقالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، كي تجري انتخابات نزيهة، من الضروري أن تعمل جميع الأحزاب والمرشحين في مناخ حرّ وآمن، وينطبق ذلك على العاملين في وسائل الإعلام.
وأضافت: "من هذا المنطلق، أدعو جميع الأطراف والجهات المعنية والسلطات إلى الجلوس معاً للاتفاق على "مدونة قواعد سلوك"، والسماح لجميع المرشحين العراقيين بالعمل بحرية؛ دون اعتبار للعرق أو نوع الجنس أو اللغة أو الدين أو المعتقد أو الخلفية".
ودعت لأن يكون بوسع أي عراقي يرغب في المشاركة في هذه الانتخابات كمرشح أو عضو في حملة انتخابية، القيام بذلك دون أي خوف من الترهيب أو الاعتداء أو الاختطاف أو الاغتيال.
ويوجد أمام مجلس الأمن حالياً طلب من الحكومة العراقية بخصوص المراقبة الانتخابية. وأضافت هينيس-بلاسخارت: "أدرك أنه لم يُتخذ قرار بعد في هذا الخصوص، ولكنني أود أن أغتنم هذه الفرصة للتأكيد على أهمية وضرورة توضيح هذا الأمر".
في كلمته أمام مجلس الأمن، أشار الممثل الدائم للعراق لدى الأمم المتحدة إلى أن ملف عودة النازحين داخليا إلى مناطقهم الأصلية يحتل مقدمة أولويات الحكومة العراقية.
وقال محمد حسين بحر العلوم: "بذلت حكومة بلادي جهودا كبيرة لتسهيل العودة الآمنة من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات، ومنها توفير الوثائق التي تمكنهم من العودة الطوعية الآمنة".
وقد أعلنت وزارة الهجرة العراقية بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2021 أنها حققت نجاحا بملف النزوح الداخلي، وتم إغلاق 47 مخيما خلال الستة أشهر الأخيرة، وعادت 66 ألف عائلة إلى مناطقها بعد تهيئة الظروف الملائمة بالتعاون مع السلطات المحلية والجهات الأمنية.
وستشهد الفترة المقبلة إغلاق مجموعة من المخيمات منها مخيم السلامية ومخيم عامرية الفلوجة في الأنبار.
من جانبها، شددت جينين هينيس-بلاسخارت على ضرورة ألا تقود هذه الإغلاقات إلى نتائج غير مرغوب فيها، مثل النزوح الثانوي أو عودة الناس إلى المناطق التي تفتقر للمأوى الكافي أو الخدمات الأساسية.
وقالت: "إن التسرع والتعتيم المحيط بقرارات إغلاق المخيمات تثير قلق الكثيرين. لذلك مرة أخرى، أود أن أحذر من القرارات التي يمكن أن تؤدي بسهولة إلى أزمات أخرى".
الوضع الاقتصادي
أكدت المسؤولة الأممية على أن العراق يعاني من صعوبات مالية واقتصادية حادّة، كما يتضح من انخفاض قيمة الدينار العراقي بأكثر من 20% في أواخر كانون الأول/ديسمبر.
ورغم أن زيادة عائدات النفط بنسبة 40% منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020 أدّت إلى تخفيف أزمة السيولة، مما أتاح بعض المتنفس للحكومة، إلا أنه تم إحراز تقدم ضئيل في تنفيذ الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها.
وأضافت تقول: "لا يمكن للعراق تحمّل الاعتماد المستمر على استخراج الموارد، ولا العبء المفرط لقطاع عام أكبر مما ينبغي.. يجب أن تكون المعركة ضد الفساد الاقتصادي والسياسي وتعزيز الحوكمة القوية والشفافية والمساءلة، الشعار الذي يصاحب هذا الإصلاح".
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن الاتفاق على قانون موازنة 2021 يتطلب المصالحة والتسوية بين بغداد وأربيل. لكنّ القوانين الغائبة منذ عام 2005 لا تزال تعرقل قيام مفاوضات بنّاءة بين بغداد وأربيل مثل تلك المتعلقة بالنفط وتقاسم الإيرادات، وخلافات أخرى تتعلق بالأراضي المتنازع عليها.
تحذير من القمع
تناولت جنين هينيس-بلاسخارت قضية قمع المظاهرات في العراق. وقالت إن الحاجة ملحة لمزيد من الشفافية والعدالة والمساءلة، "اسمحوا لي أن أعلن بوضوح أن القمع وانتهاك الحريات الأساسية – بما فيها حرية التعبير والتجمّع السلمي – والاختفاء القسري والقتل المستهدف – لا مكان لهم في ظل الديمقراطية".
وأوضحت أن الشفافية والعدالة والمساءلة تظل غائبة بشكل كبير – خاصة عندما يتعلق الأمر بقمع المظاهرات العامة – في جميع أنحاء العراق بما فيها إقليم كردستان. "إذا لم يتغيّر هذا الأمر، عاجلا أم آجلا سيندلع الغضب العام مرة أخرى".
الأوضاع الأمنية
وفيما يتعلق بالوضع الأمني، لفتت المسؤولة الأممية إلى أنه رغم احتفال العراقيين بالذكرى السنوية الثالثة في كانون الأول/ديسمبر الماضي لهزيمة داعش في الأراضي العراقية، إلا أن الهجومين الانتحاريين الشنيعين على سوق بغداد مما أدّى إلى مقتل 30 شخصا على الأقل، وإصابة أكثر من 100 بجروح، أظهرا بشكل مؤلم عدم هزيمة التطرف العنيف.
وقالت: "هذا عمل جبان فظ، وتذكير صارخ بأن العراق لا يمكن أن يكتفي بما حققه من أمجاد. وبالطبع فإن تعزيز السلامة والأمن يتعلق بمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف بقدر ما يتعلق بالقدرة الفورية على الاستجابة للتهديدات على الأرض"