الأحزاب الكوردية في كركوك أمام عدة خيارات بشأن كيفية مشاركتها بقائمة واحدة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، لكن الاتفاق حول تلك الخيارات يعتبر احتمالاً " عسيراً" بسبب اختلاف التوجهات و إصرار كل حزب على مطالبه.
بعد العشرات من الاجتماعات، لم تصل تلك الأحزاب لاتفاق بعد، في الوقت الذي يناقشون فيه اسم وشعار و هيكل القائمة، بالرغم من أن العائق الأكبر أمامهم هو تحديد المرشحين ضمن الدوائر الانتخابية الثلاث في المحافظة.
خيارات كثيرة، آمال قليلة
الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي حصل على أغلبية أصوات ناخبي المحافظة منذ عام 2005 يسعى في حال تشكيل قائمة موحدة، الى حرمان الأحزاب الصغيرة من إشراك مرشحين لها، متذرعاً بنتائج الانتخابات البرلمانية السابقة.
وفقاً لعدة مصادر داخل الاتحاد الوطني الكوردستاني و الأحزاب الأخرى والتي تحدثت لت(كركوك ناو)، طرح الاحاد الوطني عدداً من الخيارات في الاجتماعات، لم تلق أي منها استحسان الأحزاب الأخرى.
الى جانب الخيار الذي يقضي بأن يكون مرشحو القائمة من الاتحاد الوطني الكوردستاني فقط، طرح الحزب في الاجتماعات التي عُقِدَت مؤخراً خياراً آخر للأحزاب الأخرى تمثّل في أن يكون جميع المرشحين في الدائرة الانتخابية التي تضم أغلبية من الناخبين الكورد وتتألف من خمسة مقاعد، من الاتحاد الوطني الكوردستاني، وتحديد المرشحين في الدوائر الأخرى بالتوافق، لكن هذا الخيار لقي الرفض أيضاً.
وقد تم تقسيم محافظة كركوك للانتخابات البرلمانية المقبلة الى ثلاث دوائر انتخابية، أكبرها والتي تتألف من خمسة مقاعد، تقع في المناطق الكوردية وهي محل خلاف بين الأحزاب الكوردية بشأن آلية تحديد المرشحين.
حسن شيخاني، مسؤول مركز كركوك للحركة الاسلامية في كوردستان قال لـ(كركوك ناو) "طالبنا بأن يكون لنا مرشحون في الدوائر الانتخابية الثلاث... فيما يطلب الحزب الديمقراطي الكوردستاني بأن يكون مرشحوهم في الدائرة الانتخابية ذات الأغلبية الكوردية، في المقابل لن يدفعوا بمرشحين في الدوائر المختلطة."
الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يشارك لحد الآن في أي من اجتماعات الأحزاب الكوردية، لكن الحزب أعرب عن استعداده لمناقشة مسألة تشكيل القائمة الموحدة.
وقال حسن شيخاني "في الوقت الحاضر، يوجد إجماع على أنه في حال عدم مشاركة أي حزب بمرشحين في القائمة، سيتم منحهم حصة من المناصب والامتيازات التي تُعطى للكورد بعد الانتخابات."
حسب المعلومات التي حصلت عليها (كركوك ناو)، الى جانب الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، هناك ستة أحزاب أخرى، أبرزها حركة التغيير، جماعة العدل الكوردستانية، الاتحاد الاسلامي الكوردستاني والحركة الاسلامية ترفض المشاركة في القائمة الموحدة دون أن يكون لها مرشحون في الدوائر الانتخابية.
وقال مصدر حضر اجتماع الأحزاب الكوردية لكنه طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب عدم الوصول الى اتفاق نهائي حول تشكيل القائمة الموحدة "الحزب الديمقراطي الكوردستاني يحبّذ أن يكون له مرشحان في القائمة، لكن الاتحاد الوطني الكوردستاني عارض ذلك."
الحزب الديمقراطي الكوردستاني يحبّذ أن يكون له مرشحان في القائمة، لكن الاتحاد الوطني الكوردستاني عارض ذلك
تتمثل احدى الخيارات الأخرى التي تطالب بها الأحزاب خارج الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني في أن تُوَزَّع الدوائر الانتخابية الثلاث على الأحزاب، وتابع المصدر "على سبيل المثال، أن يكون لكل من الأحزاب الصغيرة، اليسارية منها و الاسلامية مرشح في احدى الدوائر الانتخابية، وفي حال لم يشارك حزب ما بأي مرشح يتم بموجب اتفاق منحهم مناصب في الحكومة المحلية بعد الانتخابات."
في الدائرة الانتخابية الأولى، يطمح الكورد الى الفوز بالمقاعد الخمسة، وفي الدائرة الانتخابية الثانية التي تسمى بالدائرة المختلطة ستطلع الكورد للفوز بنصف القاعد البالغة عددها أربعة، لكن في الدائرة الانتخابية الثالثة التي تتضمن المناطق التي تسكنها أغلبية من المكون العربي و مناطق جنوبي و جنوب غربي كركوك، يُرَجَّح أن يخرج الكورد خالي الوفاض إن لم يشاركوا بقائمة موحدة.
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مدّدت فترة تسجيل القوائم والتحالفات لغاية 27 شباط 2021.
مصدر في الأحزاب الكوردية في كركوك قال لـ(كركوك ناو) "تشكيل قائمة موحدة في كركوك لن يكون أمراً يسيراً... هناك خلافات عميقة بين الحزبين الرئيسيين (الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني الكوردستاني) بشأن كركوك، ولا يُعرَف مدى استعاد هذين الحزبين للمشاركة في قائمة موحدة، بالتأكيد اذا قرر أي من الحزبين الانسحاب من القائمة فسوف تنسحب ثلاثة أو أربعة أحزاب أخرى مباشرة."
أمر آخر قد ينهي أمل تشكيل قائمة كوردية موحدة يتمثل في اصرار الاتحاد الوطني الكوردستاني على أن يكون المرشحون من الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني فقط، اسوةَ بما جرى في الانتخابات السابقة.
في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أيار 2018 لم يشارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات، و تمكن الاتحاد الوطني من تأمين ستة مقاعد من اصل 12 مقعداً في المحافظة بعد حصوله على 166 ألف و 204 صوتاً، ولم يحصل أي حزب كوردي آخر على مقاعد.
قائمة نيشتمان (الوطن) التي كانت تتألف من حركة التغيير، التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة و الجماعة الاسلامية جاءت ثانياً بعد حصولها على 10525 صوتاًن فيما جاءت حركة الجيل الجديد ثالثاً بـ 9638 صوتاً.
في انتخابات 2013، حصل الاتحاد الوطني على 299 ألف و 964 صوتاً أهّلته للفوز بستة مقاعد، أما الحزب الديمقراطي الكوردستاني ففاز بمقعدين بعد حصوله على 63 ألف و 76 صوتاً، في حين حصلت حركة التغيير على حوالي 15 ألف صوتاً دون افوز بأي مقعد.
رغم تواصل خلافاتها، الأحزاب تناقش اسم وشعار القائمة
على الرغم من استمرا الخلافات بينها، ناقشت الأحزاغب الكوردية في اجتماعها الخير مسألة تحديد اسم و شعار القائمة.
حسن شيخاني، مسؤول مركز كركوك للحركة الاسلامية قال لـ(كركوك ناو) "اتفقنا على اس وشعار ورئيس القائمة، تبقّت بعض التفاصيل والاجراءات الأخرى قبل تشكيل قائمة مشتركة تعبر عن جميع الأحزاب الكوردية"، دون الخوض في تفاصيل أكثر حول الموضوع.
اذا ادرنا الانتخابات بصورة جيدة واذا تعاملنا معها بحكمة فسنستطيع الفوز بسبعة مقاعد
وأضاف "اذا ادرنا الانتخابات بصورة جيدة واذا تعاملنا معها بحكمة فسنستطيع الفوز بسبعة مقاعد... الكورد يملكون 30 ألف صوت في الدائرة الانتخابية الثالثة، اذا شاركنا بقائمة موحدة فسنضمن الحصول على مقعد واحد في أصعب الدوائر الانتخابية بالنسبة للكورد."
ويرى الكاتب لطيف فاتح فرج بأن "من الصعب جداً" أن تصل الأحزاب الكوردية الى اتفاق حول تشكيل قائمة موحدة، "الصراعات الحزبية، مطامح الأحزاب وتقاسم السلطة مناصفةً بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني وتعاليهم على الأحزاب الأخرى، جعلت الأحزاب تنأى بنفسها عن المشاركة في اطار قائمة موحدة."
وقال لطيف فاتح "كانت هناك محاولات عديدة لتشكيل قائمة موحدة، مثلما حدث في عام 2013، لكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني طالبت بأن لا يتولى نجم الدين كريم، محافظ كركوك السابق، رئاسة القائمة، فتعطلت مساعي تشكيل القائمة الموحدة، وبعد انسحاب الحزب الديمقراطي الكوردستاني، انسحبت أحزاب أخرى."
حول تمسّك الاتحاد الوطني الكوردستاني بخياراته للانتخابات المقبلة في اطار القائمة الموحدة، قال لطيف فاتح "الأوضاع تبدّلَت، الاتحاد الوطني يعتقد بأنه يحظى بدعم أهالي كركوك، فاز الحزب بستة مقاعد في الانتخابات السابقة لكن ذلك قد لا يتكرر في الانتخابات المقبلة."
وشدد قائلاً "لا اعتقد بأن الاتحاد الوطني يؤيد تشكيل قائمة موحدة، أما الحزب الديمقراطي الكوردستاني فليده حججه الخاصة و يرى بأن ما حدث في 16 أكتوبر خيانة ولم يتخلّ عن ذلك الشعار، هذه الأمور تمثل عقبات كبيرة أمام تشكيل قائمة موحدة، ناهيك عن تحفظات الأحزاب الأخرى"
لا اعتقد بأن الاتحاد الوطني يؤيد تشكيل قائمة موحدة، أما الحزب الديمقراطي الكوردستاني فليده حججه الخاصة و يرى بأن ما حدث في 16 أكتوبر خيانة
الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يشارك في انتخابات 2018، وصف كركوك بـ"المحتلة" واتهم الاتحاد الوطني الكوردستاني بـ"الخيانة"، وعلى اثر ذلك قال بأن الديمقراطي الكوردستاني "لن يعود الى كركوك ولن يشارك في أية انتخابات ما لم يتم اتخاذ خطوات لتطبيع الأوضاع في كركوك و انهاء السلطة العسكرية فيها."
لكن الحزب الديمقراطي أكّد لـ(كركوك ناو) على لسان مسؤول مؤسسة الانتخابات في الحزب استعداده للمشاركة في الانتخابات القادمة.
ويعتقد لطيف فاتح بأن الحل الأمثل هو أن تتفق الأحزاب في المناطق المتنازع عليها ضمن المحافظات، بالأخص الاتحاد الوطني و الديمقراطي الكوردستاني، "على سبيل المثال، يستطيع الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني عقد اتفاق بشأن الموصل و كركوك و يتبادلوا الأصوات بينهما، بهدف حشد أكبر عدد من الأصوات للكورد."
بخصوص الأحزاب الأخرى، قال لطيف فاتح "ليس من المنطقي أن تطالب من ألحزاب تشكيل قائمة موحدة ثم لا تسمح بأن يكون لهم مرشحون، هذا أمر غير مقبول... لكن يمكن لحزب ما داخل القائمة أن يشترط على الديمقراطي الكوردستاني أو الاتحاد الوطني الحصول على جزء من المناصب مقابل منح أصواته لأحدهما... هناك طرق كثيرة للاتفاق، لكنني أرى بصورة عامة بأن تشكيل القائمة الموحدة أمر صعب بسبب الخلافات السابقة والمصالح الحزبية، حتى اذا تشكّلت فانها لن تضم جميع الأحزاب."
الى جانب اجتماعات الأحزاب الكوردية في كركوك، تجرى اجتماعات مماثلة على مستوى القيادات العليا للأحزاب بشأن كركوك، لكن لا شيء ظاهر في الأفق.
وطلب حسن شيخاني بأن يعقد رؤساء الأحزاب اجتماعاً بشأن كركوك "للتأكيد على ضرورة التعامل بحكمة مع القانون الجديد للانتخابات مخافة أن يخرج الكورد منها خاسرين."