مازن سليم شنكالي (17 سنة)، بعد مرور عامين على تحريره من اختطاف تنظيم الدولة "داعش"، يعيش الآن في مخيم للنازحين بمحافظة دهوك دون عمل، دون جنسية عراقية و محروماً من الدراسة.
كان مازن يبلغ من العمر 10 سنوات حين اختطفه مسلحو تنظيم داعش في 3 آب 2014 مع والديه وشقيقه في قرية باشوك التابعة لمجمع خانه سور في قضاء سنجار، قبل أن يفرّقوه عنهم.
نجى مازن مع 10 أطفال آخرين من أسر داعش وعُثِرَ عليهم في آخر معقل لمسلحي تنظيم داعش في بلدة باغوز السورية، أواخر شهر شباط 2019.
"هل حدث مكروه لسنجار؟"، هذه هي العبارة التي قالها مازن شنكالي لعناصر قوات سوريا الديمقراطية أثناء تحريره شدّت اليه عدسات المصورين وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول مازن بأنه أُعيد في 2 آذار 2019 الى العراق وبالتحديد محافظة دهوك، حيث استُقبِل بحرارة، "اشتهرت بتلك العبارة، ظننت بأن كل شيء سيصبح على ما يرام، قطعوا لي وعوداً كثيرة و صرفوا لي راتباً شهرياً"، ويضيف مازن "لكنهم الآن لا يعطونني الراتب، وليس لدي عمل ولا جنسية عراقية، كما انني حُرِمت من مواصلة الدراسة."
حياة مازن في المخيم
يعيش مازن حالياً مع شقيقه و والدته في مخيم بيرسيف بقضاء زاخو، فيما لا يزال والده في عداد المفقودين.
لم يتمكن مازن من اتقان اللغة الكوردية، "عندما كنا في قبضة داعش كنا نتحدث بالعربية فقط، الأمر الذي جعلني أنسى الكوردية، لكنني الآن أتحدث باللغة الكوردية بصورة جيدة برفقة عائلتي."
مشكلة مازن الكبرى هي أنه لا يملك عملاً يستطيع من خلاله كشب لقمة العيش لعائلته، معيشتهم مرهونة بالمساعدات التي يحصلون عليها من الأهل والأقارب.
"ليس لدي ما يكفي لشراء كيلوغرام من الطماطم، أبحث عن عمل باستمرار، أرغب في أن أعمل لكي أستطيع كسب خمسة آلاف دينار يومياً على الأقل لعائلتي... أقضي جُلَّ حياتي بالجلوس في المخيم."
بعد عودة مازن الى دهوك، قرر محما خليل، قائممقام سنجار –مقرّه في دهوك- صرف 200 ألف دينار له كمساعدات شهرية.
"بعد ذلك خُفِّض المبلغ الى 100 ألف دينار، ثم الى 75 ألف دينار حتى وصل الى 50 ألف دينار، لكنهم توقفوا عن صرفه نهائياً بعد عدة اشهر"، حسبما قال مازن.
علاوة على ذلك، لم تُصدَر بعد شهادة الجنسية العراقية لمازن بالرغم من محاولاته المتكررة، يقول مازن "المسؤولون تعهدوا في أكثر من مناسبة بحل المشكلة، الحصول على شهادة الجنسية حق أساسي."
مشكلة مازن الأخرى مثلما يقول هي "حرمانه من مواصل الدراسة" بسبب سنّه.
حسين علي، عم مازن، قال لـ(كركوك ناو) "راجعنا قائممقامية سنجار عدة مرات لغرض اصدار شهادة الجنسية العراقية لمازن، أخبرونا بأنهم سيجدون لنا حلاً، بعد انتظار طويل سلّموا معاملاتنا لمنظمة يزدا لكي يأخذوها للموصل، نحن الآن بانتظار الرد، لا نعرف ان كانوا سيصدرون له الجنسية العراقية أم لا."
رغم سعادته بنجاته من أسر داعش، يشعر مازن بالإحباط بسبب العراقيل و المصاعب التي تعترض طريقه.
"فقدت أي أمل بالمسؤولين، أرادوني لأيام معدودة لغرض الاعلام والتصوير، لم يعودوا يعرفونني الآن"، هذا ما قاله مازن.
حاولت (كركوك ناو) على مدار خمسة ايام الحصول على تصريح من محما خليل، قائممقام سنجار في دهوك أو من مكتبه أو نائبه، ورغم تأكيدهم على أنهم سيردون على طلب (كركوك ناو) في يوم 14 آذار، لكنهم لم ينفذوا وعدهم.
وقال مازن "حين نجوت من الأسر كنت الطفل الوحيد الذي كان يفكّر في سنجار، لكن لا أحد يفكّر في الآن."
كيف نجى مازن من الأسر؟
في ايامه الاخيرة وفي اخر بقعة جغرافية يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" داخل سوريا، حاول التنظيم ان يستغل مازن سليم واصدقائه لمحاربة خصومه في باغوز غربي الفرات التي كانت آخر معقل له، حيث اجبر مسلحو التنظيم الطفل مازن على ارتداء حزام ناسف وتجهيزه لعمل لم يدُر بباله قَطّ.
وقال مازن "في صبيحة احد الأيام أواخر شهر شباط ، أجبرونا على ارتداء أحزمة ناسفة... قال لنا مسلحو داعش ستفجّرون اليوم انفسك، دسّونا بين عدد من النساء من أهالي باغوز وأرسلونا نحو مواقع قوات سوريا الديمقراطية، لكننا فكّرنا في تنفيذ خطة للنجاة بأنفسنا وسلّمنا أنفسنا لقوات سوريا الديمقراطية وتخلّصنا من الأحزمة الناسفة"، حسبما روى مازن.
قوات سوريا الديمقراطية كانت في حينها تقاتل داعش في آخر معاقل التنظيم في سوريا بدعم من التحالف الدولي.
أثناء تواجده في الأسر، تلقّى مازن سليم تدريبات مكثفة على جميع انواع الاسلحة الثقيلة وكيفية تفجير نفسه، بعد اختطافه من قريته القريبة من مجمع خانه سور التابع لقضاء سنجار في شهر اب 2014، عاش خمسة اعوام تحت ظروف صعبة. نُقِل مازن من سنجار الى قضاء تلعفر ومن هناك الى منطقة باغوز بسوريا.
بشأن المشاكل التي يعاني منها مازن و غيره من الأطفال الناجين ن قبضة داعش قال جوهر علي بك، نائب أمير الايزيديين لشؤون الاعلام والعلاقات لـ(كركوك ناو) "نحن نوزّع المساعدات على هؤلاء الأطفال، هذه المساعدات ليست شهرية بل تعتمد على امكانياتنا."
وضاف "نتحرّى عن مشاكلهم بصورة مستمرة، نزورهم عن كثب و نحيل مشاكلهم الى الجهات المعنية لمعالجتها، ينبغي على الحكومة أن تقوم بمعالجة تلك المشاكل لأنهم قدموا تضحيات كبيرة."
بالرغم من كل الظروف التي يمر بها يقول مازن "أجمل شيء في حياتي هو أنني الآن حرّ، لكن يجب أن يؤمّنوا لي حقوقي."