ما يفعله ليس بمقدور الجميع
الجميلي يخمد آبار النفط المشتعلة

عبدالقادر أحمد سلطان الجميلي (66 سنة) في منزله بكركوك   تصوير: كركوك ناو

كاروان الصالحي – كركوك

موظف متقاعد أصبح منقذاً لشركة نفط الشمال و أعاد الى خزائنها مليارات الدنانير بسبب امكانياته وخبرته التي اكتسبها في إخماد حرائق الآبار النفطية.

هذا الرجل يدعى عبدالقادر أحمد سلطان الجميلي، (66 سنة)، ولا يملك شهادة دراسية، بدأ الجميلي بالعمل في شركة نفط الشمال كسائق، وأصبح بعدها مسؤول قسم المكائن الثقيلة وأحيل الى التقاعد في عام 2018، لكن كلما تعرض بئر نفطي للتفجير، تجد الجميلي في مقدمة فرق إخماد الحرائق.

بداية قصة الجميلي مع إخماد حرائق الآبار النفطية تعود الى عام 2013، حين جرب خبرته لإخماد حريق اندلع في بئر القيارة بعد استهدافه من قبل مسلحين مجهولين، نجح الجميلي في مهمته تلك، آخر مهامه كانت في شهر أيار من هذا العام، حين شارك في السيطرة على حريق نشب في حقل الخبازة النفطي.

الخبراء الأجانب كانوا يستخدمون معدات الشركة، وكنت أرافقهم فاكتسبت الخبرة بالتدريج

يقول الجميلي، "كلما تعرض بئر نفطي للتفجير، كانت شركة نفط الشمال تلجأ لخبراء أجانب... كان هؤلاء الخبراء يطلبون عدة مليارات من الدنانير مقابل إخماد كل بئر نفطي"، وأضاف "الخبراء الأجانب كانوا يستخدمون معدات الشركة، وكنت أرافقهم فاكتسبت الخبرة بالتدريج".

حول إخماد بئر القيارة النفطي التي كانت تجربته الأولى، يقول الجميلي، "أنا من بادرت لإخماد الحريق والشركة وافقت على ذلك، سعدت بنجاحي، شعرت أن بإمكاني تقديم خدمة كبرى."

jwmaile

صور تظهر عبدالقادر الجميلي أثناء إخماد حرائق اندلعت في آبار نفطية تابعة لشركة نفط الشمال   تصوير: أرشيف الجميلي

ظهور تنظيم داعش أواسط عام 2014،  كان البداية الحقيقية لعمل الجميلي، في تلك الفترة كانت عناصر التنظيم غالباً ما تستهدف الحقول و الآبار النفطية.

"في 16 أكتوبر 2017، خلال المواجهات التي وقعت بين البيشمركة والقوات الاتحادية العراقية تم تفجير أحد آبار النفط التابعة لشركة نفط الشمال، في ذلك الوقت، طلبت شركة تعمل في أربيل مبلغ ثلاثة مليارات دينار مقابل إخماده، لكن الشركة لم تتوصل لاتفاق معها، فقررت إخماد الحريق مع زملائي في الشركة ونجحنا في ذلك"، حسبما قال عبدالقادر الجميلي.

في 5 أيار من هذا العام، أشرف الجميلي بناءً على طلب شركة نفط الشمال على إخماد بئرين نفطيين في حقل الخبازة، تم تفجيرهما من قبل مسلحين ينتمون لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش).

مصدر في شركة نفط الشمال أكد لـ(كركوك ناو) بأن السيطرة على الحرائق التي اندلعت في البئرين تمت بجهود موظفين متقاعدين تابعين لشركة نفط الشمال، وأضاف المصدر "لديهم خبرة في هذا المجال و هم مستعدون لمساعدتنا متى ما طلبنا منهم ذلك... هذه المرة لم نلجأ بتاتاً لشركات أجنبية"، وذكر المصدر اسم عبدالقادر الجميلي.

خدم الجميلي كموظف في الشركة لغاية عام 2018، لكنه لم يتوانى عن تسخير امكانياته وقت الحاجة.

إجمالاً، شارك الجميلي في إخماد حرائق 30 بئراً نفطياً، ويقول بأن "18 منها كانت في ناحية القيارة بمحافظة نينوى أثناء حرب داعش، والآبار الـ12 الأخرى كانت في كركوك."

"كنت أراقب بدقة ما تفعله الشركات الأجنبية التي تأتي لإخماد الحرائق، ماذا يفعلون وكيف يخمدونها، أحببت هذا العمل وذلك ما ساعدني على اكتساب خبرة جيدة."

أحببت هذا العمل وذلك ما ساعدني على اكتساب خبرة جيدة

بفضل الجميلي، تخطو شركة نفط الشمال خطواتها الأولى لتشكيل فريق خاص بإخماد الحرائق التي تنشب في الآبار النفطية، ولن تضطر بعد ذلك لدفع مليار دينار للشركات الأجنبية من أجل السيطرة على تلك الحرائق.

 يقول الجميلي بأن "إخماد حرائق الآبار النفطية من العمليات الصعبة والخطيرة، نواجه خطر الموت عديد المرات قبل أن نتمكن من إخماد الحريق، لكننا نجونا من تلك المخاطر بفضل الله"، وتابع الجميلي قائلاً، "إخماد آبار الغاز أصعب بكثير، مررت بهذه التجربة مرة واحدة فقط و نجحت فيها."

يعتقد عبدالقادر الجميلي بأن مسلحي داعش يمتلكون خبرة ودراية في كيفية تفجير الآبار النفطية، "من حيث كيفية زرع العبوات الناسفة واختيار المواقع التي تلحق أقصى ضرر بالحقول والآبار النفطية... ينفذون عملياتهم بأسلوب يصعّب مهمتنا كثيراً."

الجميلي أعرب عن سعادته بتشكيل فريق خاص بإخماد الآبار النفطية في كركوك، "غالباً ما كنت أقول لهم تعلموا جيداً لكي لا يحتاج بلدنا الى خبراء أجانب."  

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT