رنّ هاتف نزار في منتصف الليل، الاتصال كان من أحد المستشفيات التي أخبرته بحاجتهم الى قنينة دم من فصيلة (AB-) لشخص تعرض لجروح خطيرة جراء حادث مروري.
"لم أكن أعرف ذلك المواطن، كان من اهالي بعقوبة، وقد تعرض لحادث مروري أثناء زيارته كركوك، لم يكن برفقته أحد، كانوا بحاجة الى دم من تلك الفصيلة لذا توجهت الى المستشفى لتقديم المساعدة"، هذا ما قاله نزار نوزاد (38 سنة).
نزار متبرع بالدم، بسبب مراجعته المتكررة لمصرف الدم بات الآن يحمل هوية خاصة بالمستشفى ويتصلون به للتبرع بالدم في الحالات الطارئة.
تبرعت بالدم لشخص مصاب وأجريت له عملية جراحية ناجحة
"علمت فيما بعد بأن المصاب الذي تبرعت له بالدم قد أجريت له عملية جراحية ناجحة بفضل الله"، واضاف نزار بأن تلك النتيجة كانت أهم شيء بالنسبة له، وهي الي جعلته يواظب على التبرع بالدم منذ قرابة سبع سنوات.
استدعي نزار مرات عديدة وفي أوقات مختلفة من قبل للحالات الطارئة لتقديم المساعدة عن طريق التبرع بقنينة دم.
يوم الاثنين، 14 حزيران، والذي صادف اليوم العالمي للتبرع بالدم، عجّ مصرف الدم في كركوك بالعديد من المواطنين أمثال نزار نوزاد.
"ابني ستجرى له عملية جراحية، تبرعت له بدمي، هذه كانت المرة الأولى بالنسبة لي، مالم تراجع مصرف الدم لن تدرك أهمية التبرع بالدم ولا تعرف معاناتهم، لذا قررت بدءاً من هذا اليوم التبرع بقنينة دم كل ثلاثة أشهر"، هكذا وصف حازم علي (51 سنة)، من سكنة كركوك، شعوره أثناء تواجده في مصرف الدم.
حسب التعليمات والارشادات الصحية في العراق، يُنصَح بمعاودة التبرع بالدم بعد مرور مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر.
يصل مصرف الدم في كركوك 90 قنينة دم من المتبرعين خلال 24 ساعة لكنها بحاجة الى أكثر من ذلك.
أحمد مطر، مدير شعبة مصرف الدم في كركوك قال لـ(كركوك ناو)، "بصورة عامة، تحتاج محافظة كركوك يومياً الى 125 قنينة دم، وتحتاج في الشهر ما بين ثلاثة آلاف و 750 الى أربعة آلاف و 500 قنينة دم حسب الظروف و نسبة الحوادث."
يحتاج مرضى التلاسيميا والسرطان الى 80 قنينة دم يومياً
يقول مطر بأن لا يقل عن 80 قنينة دم يتم نقلها يومياً للمصابين بالتلاسيميا والسرطان، أما البقية فتخصص للحوادث الطارئة، بالأخص مصابي الحوادث المرورية.
"قبل عدة ليال، أدخلنا مريضاً انفجر جدار معدته وكان يحتاج الى الدم، في نفس الليلة تم الاعلان عن حملة للتبرع بالدم لجمع 30 قنينة دم من فصيلة (O-)"، وأشار مدير شعبة مصرف الدم الى وجود العديد من الحالات المماثلة التي تستوجب توفير كميات كبيرة من الدم.
وفقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية يُشترط أن يكون عمر المتبرع بالدم ما بين 17 سنة و 65 سنة.
يقول المتبرع نزار نوزاد، الذي يعمل كميكانيكي في المنطقة الصناعية جنوبي كركوك وهو أب لثلاثة اطفال بأن لا شيء في الحياة يجعله يتوانى عن تقديم المساعدة للناس، لذا فإنه لا يتردد ابداً في الذهاب متى ما استدعت الحاجة.
وقال نزار، "أتبرع بالدم كل ثلاثة اشهر، ان لم أكن مخطئاً فقد تبرعت لحد الآن بأكثر من 30 قنينة دم، فصيلة دمي نادرة ولا مكن الحصول عليها بسهولة".
تقول منظمة الصحة العالمية بأن كل قنينة دم تعادل 450 مليلتر وتشكل نسبة 10 بالمائة من الدم الموجود في الجسم (كمية الدم في الجسم تتراوح ما بين 4.5 الى 5 لترات).
وحسب تلك المعلومات الطبية، يعوض الجسم كمية الدم المتبرع بها خلال 36 ساعة.
تضم مجموعة متبرعي الدم في كركوك ثلاثة آلاف و 500 عضو
نسرين رؤوف، والدة فتاة مصابة بمرض التلاسيميا، تحتاج ابنتها لإجراء عملية تبديل الدم مرة كل اسبوع، لذا فهي تحرص أكثر من غيرها على أهمية تبرع المواطنين بالدم.
وقالت نسرين لـ(كركوك ناو)، "ابنتي عمرها 12 سنة، هي الآن مصابة بضمور القلب، ويستوجب ذلك نقل الدم اليها بحرص شديد، تحتاج الى كمية كبيرة من الدم، لكنني سأبقى بجانبها وسأخدمها حتى آخر نفس."
يُستَثنى من التبرع بالدم الأشخاص المصابون بفقر الدم، النساء الحوامل، أو المرضعات، فضلاً عن المصابين بأمراض فيروسية معدية.
حاتم محمد، مسؤول مجموعة المتبرعين بالدم في كركوك قال لـ(كركوك ناو)، "للحالات الطارئة، نقدم المساعدة للعثور على متبرع بالدم، نحن على تواصل مع المتبرعين في المحافظات الأخرى."
تضم المجموعة حوالي ثلاثة آلاف و 500 عضو في كركوك، أسماؤهم، فصائل دمهم و أرقام هواتف جميعهم مسجلة.
فيما يخص التنسيق بين المتبرعين بالدم في المناطق الأخرى قال حاتم، "هناك حالات، تم فيها تأمين الدم من قبل متبرعين في كركوك لأشخاص كانوا يحتاجونه في مناطق أخرى، والعكس صحيح."
بإمكان المصابين بفيروس كورونا التبرع بالدم بعد شفائهم من المرض، أما الأشخاص الذين يتلقون لقاح كورونا يجب أن لا يتبرعوا بالدم قبل مرور أربعة أسابيع على تلقي اللقاح.