يسعى حميد محمود منذ سنوات لإكمال معاملات أشقائه الذين قضوا خلال هجمات داعش، وقد صرف الأموال متنقلاً من مدينة الى أخرى، حتى أوشك أن يفقد الأمل من امكانية استلامه الرواتب المخصصة للشهداء.
حميد من أهالي قرية كوجو التابعة لقضاء سنجار، قُتِل ستة من أشقائه أثناء هجمات مسلحي تنظيم داعش في عان 2014، وهو يسعى منذ عام 2017 للحصول على حقوقهم التي تشمل أيضاً رواتب الشهداء.
بموجب قانون العمل، تصرف الحكومة العراقية الاتحادية رواتب للشهداء وضحايا العمليات الحربية، الأخطاء العسكرية والعمليات الارهابية.
"في عام 2017، قالوا أن بإمكان كل من لديه في اسرته شهداء تقديم المعاملات، منذ ذلك الحين وأنا أحاول إكمال معاملات اشقائي، ذهبت الى الموصل وتلكيف وسنجار عشرات المرات، صرفت ما يقرب من ثلاثة ملايين دينار دون أ أن أحصل على دينار واحد"، هكذا تحدث حميد محمود لـ(كركوك ناو).
من المقرر أن يصيح حميد وارثاً لرواتب أشقائه لأن والديه واحدى شقيقاته في عداد المفقودين منذ الهجوم الذي شنه داعش على قضاء سنجار في آب 2014.
"توقفت معاملات رواتب الشهداء لفترة لكنها استؤنفت قبل عدة اسابيع وتمكنت أخيراً من مقابلة اللجنة الخاصة بهذه القضية وسلًمتهم معاملات أشقائي، أخشى أن يذهب تعبنا هذه المرة ايضاً سدىً."
أخشى أن يذهب تعبنا هذه المرة ايضاً سدىً
بموجب التعديل الأول لقانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم (20) لسنة 2009 يتم تعويض ذوي الشهداء والمفقودين والمختطفين خلال العمليات الحربية وأعمال العنف أو صرف رواتب لهم حسب نوع الأضرار التي لحقت بهم.
تتطلب الموافقة على منح رواتب الشهداء عدة اجراءات بعد تسلم المعاملات عن طريق عدة لجان مختصة، وقد تم فتح مكتب لأحد اللجان الفرعية منتصف هذا العام في قضاء سنجار من أجل هذا الغرض.
يقول حميد محمود، "لست متفائلاً جداً بأن تعطي الحكومة رواتب لذوي الشهداء الايزيديين، مضت سبع سنوات دوان أن يفعلوا شيئاً لنا، وما تم من أعمال فتح المقابر الجماعية كان أمراَ مؤقتاً أعطوا الكثير من الوعود التي لم تُطبق على أرض الواقع، مثل إعادة النازحين و عودة الحياة الطبيعية."
اللجان التي تتولى تسيير المعاملات الخاصة برواتب الشهداء وضحايا حرب داعش تابعة لمؤسسة الشهداء في رئاسة مجلس الوزراء العراقي.
نينوى/ 2021/ مواطن ايزيدي أمام اللجنة الخاصة بتسيير معاملات متضرري الحرب في قضاء سنجار تصوير: إعلام اللجنة
ساهر طاهر، المدير العام في اللجنة الخاصة لتعويض متضرري الحرب في سنجار قال لـ(كركوك ناو) "بدأنا باستلام معاملات رواتب الشهداء، الجرحى والمفقودين والذين تعرضوا لأضرار مادية ومعنوية أخرى منذ نيسان الماضي، لذا نناشد المواطنين بإكمال معاملاتهم لكي لا يحرموا من التعويضات."
توجد ثلاث لجان في محافظة نينوى، احداها في مركز سنجار، وهي موزعة على ثلاث مناطق، جزء آخر في شيخان والجزء الثالث في منطقة فايدة بدهوك، نظراً لوجود أعداد كبيرة من النازحين الايزيديين هناك.
اللجنتان الأخريتان احداها في مركز مدينة الموصل والأخرى في قضاء تلعفر.
مسؤول لجنة سنجار يقول بأن التعويضات تصرف حسب حجم الأضرار، مشيراً الى استلام اللجنة لمعاملات أكثر من 750 شخصاً من المقرر أن يتم التدقيق فيها لاحقاً.
سيصرف لذوي الشهيد راتب شهري مقداره مليون و 200 ألف دينار
"استلمت لجنتنا في 5 تموز الجاري معاملات ذوي شهداء سنجار، بالأخص ذوي 104 من ضحايا قرية كوجو، في حال تمت الموافقة على المعاملات حسب الاجراءات، سيصرف لذوي الشهيد راتب شهري مقداره مليون و 200 ألف دينار"، حسبما قال ساهر طاهر الذي أعرب عن أمله بأن تكمل اللجنة أعمالها بحلول شهر أيلول 2021.
الى جانب اختطاف المئات من الأشخاص، ارتكب مسلحو داعش جرائم "إبادة جماعية" بحق الايزيديين في قرية كوجو التابعة لسنجار، وألقى بجثث الضحايا في مقابر جماعية، وقد تم التعرف على هويات رفات 104 من الضحايا وأعيد دفنهم في شباط 2021.
"في كوجو، سلّمت اللجنة معاملات والدي واثنين من أشقائي، أخبروني أنه لا توجد مشكلة فيها و بأننا سنستلم بطاقة (Key card) في 15 آب لكي نستطيع استلام الرواتب الشهرية عن طريق حساب بنكي"، هذا ما قاله ناصر ألياس.
ينحدر ناصر من قرية كوجو وهو يعيش في مخيم قاديا للنازحين في دهوك منذ سبع سنوات، قتل مسلحو داعش والده واثنين من أشقائه في آب 2014، ولا يزال مصير والدته وأحد اشقائه مجهولاً.
عُثِر على رفات والد ناصر و شقيقيه في المقابر الجماعية، وبعد التعرف عليها أعيد دفنها في شباط هذا العام.
"شهادة وفاة ثلاثتهم بحوزتي، معاملاتهم كاملة وحسب قول اللجان، من المقرر أن يصرف عن كل واحد منهم راتب شهري مقداره مليون و 200 ألف دينار، هذه خطوة جيدة في حال تم تنفيذها، لكننا لسنا واثقين من الأمر ونخشى بأن تتبخر اسوة بالوعود الأخرى"، على حد قول ناصر.
تشير احصائيات حكومة اقليم كوردستان الى مقتل ألف و 293 ايزيدي جراء هجمات داعش، كما تم العثور على 80 مقبرة جماعية في سنجار.
علي عمر كعبو، معاون محافظ نينوى لشؤون النازحين والمنظمات قال لـ(كركوك ناو) "نطمئن ذوي الشهداء بأننا كإدارة محافظة نينوى سنكون على الخط باستمرار لحين إكمال معاملاتهم و ضمان حصولهم على حقوقهم."
واضاف بأن معاملات رواتب الشهداء تخضع للتدقيق من قبل مؤسسة الشهداء قبل أن تُرسَل الى وزارة المالية من أجل تخصيص ميزانية لها.
ولفت معاون محافظ نينوى بأنه الى جانب معاملات رواتب الشهداء، تم في حزيران الماضي صرف تعويضات لوجبتين من متضرري حرب داعش، المستفيدون من التعويضات كانوا ممن أكملوا معاملاتهم في الأعوام 2017 و 2018.
خلّفت حرب داعش أضرارً كبيرة لحقت بمنازل، محال و ممتلكات المواطنين الأخرى.
قد تكون التعويضات تأخرت لكن حقوقهم لن تضيع
"غالبية المتضررين في سنجار وأطرافها بدأوا معاملاتهم في عام 2019 لذا تأخرت التعويضات الخاصة بهم، لكن حقوقهم لن تضيع."
في آب 2014، اختطف مسلحو تنظيم داعش ستة آلاف و 417 ايزيدي، لا يزال مصير ألفين و 700 منهم مجهولاً، حسب احصائيات مكتب انقاذ المختطفين الايزيديين التابع لحكومة اقليم كوردستان.
وقال المدير العام في اللجنة الخاصة لتعويض متضرري الحرب في سنجار "مشكلتنا هي أننا لا نملك مكاناً ثابتاً، كما أن عدد أعضاء اللجنة قليل، فضلاً عن أن القضاة لم يزوروا لجنتنا، حيث أن كل معاملة تتطلب صدور قرار من القاضي."
