لم تبدُ هذه السعادة على محيا وضاح الشاهري منذ فترة طويلة، لأنه يدرك بأن تعبه لن يذهب هباءً وسيكون بإمكانه تسويق محاصيله بأسعار مناسبة.
"نخشى فقط من أن نعتمد كلياً على الزراعة ولا نتمكن بعدها من تسويق محاصيلنا بسبب استيرادها من دول أخرى"، هذا ما قاله الشاهري لـ(كركوك ناو).
وكانت وزارة الزراعة العراقية قد بدأت منذ شهور بتطبيق قرار منع استيراد الخضراوات والفواكه لضمان تسويق المنتوج المحلي.
وأصدرت الوزارة في 22 تشرين الأول الجاري قراراً بمنع استيرا محصول البطاطا عن طريق المنافذ الحدودية والسيطرات لكون الكميات المنتجة محليا من محصول البطاطا تسد الاستهلاك اليومي وتحقق الأمن الغذائي فضلا عن الدخول في مجال التصدير الى دول الجوار، كما منعت سابقاً دخول محاصيل أخرى كالطماطم، الباذنجان، القرع وأصناف أخرى.
وأشارت الوزارة الى أنه سيتم اتخاذ اجراءات مشددة لمنع تهريب المحاصيل عبر المنافذ الحدودية ونقاط التفتيش في المحافظات.
ويطالب وضاح الشاهري بتمديد قرار حظر الاستيراد نظراً لـ"تأثيره الجيد على الزراعة المحلية ودعم الفلاحين"، بعد أن اضطرت أعداد كبيرة من المزارعين لترك مجال الزراعة و امتهان أعمال أخرى بسبب الكساد.
ويشدد وضاح الشاهري على ضرورة تقديم العون للمزارعين في حال استيراد المحاصيل لكي لا يتكبدوا خسائر مالية كبيرة، وذلك من خلال توفير المياه، الأسمدة، المبيدات والمستلزمات الزراعية الأخرى.
حسب مديرية زراعة كركوك والتي حصلت عليها (كركوك ناو) حصراً، زُرِع هذا العام 30 ألف دونم من الأراضي الزراعية بأصناف متعددة من المحاصيل، مثل الباذنجان، الطماطم، الخيار، القرع، الفلفل، البصل، الباميا، اللوبياء و البطيخ.
"صحيح أن أسعار المحاصيل المنتجة محلياً قد ارتفعت مقارنة بالمحاصيل المستوردة، لكنني أعتقد بأن من الضروري أن نشجع الانتاج المحلي لأن أرباحه تذهب للمزارعين وتحفزهم على تقديم الأفضل"، حسبما قال علي الصباحي، الساكن في مدينة كركوك.
ويرى علي بأنه إذا عاونت الحكومة المزارعين حينها لن ترتفع اسعار المحاصيل المحلية لهذا الحد.
البطاطا المستوردة كانت بـ300 دينار، أما الآن فيشتري البطاطا المنتجة محلياً بـ650 دينار
حسب متابعات (كركوك ناو)، أسعار أغلب المحاصيل المنتجة محلياً في كركوك قد وصلت الى ضعف أسعار نظيراتها المستوردة أو أكثر.
يقول أبو فلاح، أحد بقالي مدينة كركوك بأن منع الحكومة دخول المحاصيل المستوردة أدى الى زيادة اسعار الناتج المحلي، مشيراً الى أنه كان يشتري كيلوغرام الطماطم المستورة من ايران بـ500 دينار و يبيعها بـ750 دينار، لكنه يشتري حالياً الطماطم المحلية بـ850 دينار ويضطر لبيعها في بأكثر من 1500 دينار.
وأوضح أبو فلاح لـ(كركوك ناو) بأن البطاطا المستوردة كانت بـ300 دينار، أما الآن فيشتري البطاطا المنتجة محلياً بـ650 دينار.
إذا قدمت الحكومة الدعم للفلاحين لزيادة الانتاج المحلي من خلال توفير وسائل النقل والمستلزمات الكيمياوية لهم، حينها سيكون سعره محدوداً ولن يستطيع أحج التلاعب بأسعار المحاصيل"، يقول أبو فلاح.
وكانت وزارة الزراعة العراقية قد حظرت في نيسان 2021 استيراد 23 صنفاً من المحاصيل بغية إنعاش القطاع الزراعي والاهتمام بالناتج المحلي.
خنده كركوكي، مسؤولة إعلام مديرية زراعة كركوك قالت لـ(كركوك ناو)، "قرار الوزارة يقضي بمنع استيراد البطاطا من دول الجوار، لكي يتم الاعتماد على المحاصيل المنتجة محلياً."
ولفتت خنده الى أن قائمة المحاصيل الممنوعة استيرادها تشمل ايضاً، الخيار، الباذنجان، الفلفل، التمر، الباقلاء الخضراء والعسل.
إضافة الى المحاصيل الزراعية، منعت الوزارة استيراد البيض، الدجاج والسمك المجمد، حسبما أوضحت خنده كركوكي.
وتشهد معظم نقاط التفتيش منذ اشهر رقابة خاصة على المحاصيل الزراعية لمنع تهريب المحاصيل المستوردة الى كركوك.
مصدر مطلع في سيطرات كركوك قال لـ(كركوك ناو)، "تمكننا في غضون الأشهر القليلة الماضية من منع دخول المئات من شحنات المحاصيل المستوردة الى كركوك سواء بصورة رسمية أو عن طريق التهريب."
واشار المصدر الى وجود عدة طرق يستخدمها المهربون لنقل المحاصيل المستوردة الى كركوك وقد تم إغلاقها جميعاً.
محافظة كركوك، كانت قبل هجوم داعش في منتصف 2014 تعد من أهم المناطق الزراعية، حيث كانت محاصيلها تصدر الى محافظات جنوب العراق وكذلك الى خارج العراق.
رغم الانتعاش النسبي الذي شهده قطاع الزراعة بعد نهاية سيطرة تنظيم داعش، أدى الجفاف وقلة الأمطار الى انخفاض الانتاج الزراعي لأغلب المحاصيل، بالأخص الحنطة والشعير، الى النصف.