بسبب قرار صدر إبان فترة حكم حزب البعث
مزارعو سركران غربي كركوك يعيشون في قلق دائم

كركوك/ تشرين الثاني 2021/ مزارع كوردي في قرية شناغه بناحية سركران   تصوير: كركوك ناو

كركوك ناو

يواجه سكان 35 قرية تابعة لناحية سركران غربي محافظة كركوك وضعاً معقداً بسبب المشاكل العالقة بين المزارعين الكورد والعرب بشأن ملكية أراضٍ زراعية. يعود تاريخ هذه النزاعات الى فترة حكم نظام البعث، لكن البرلمانات والحكومات المتعاقبة في العراق فشلت في ايجاد حلول نهائية لها.

في سبعينات القرن الماضي، قام حزب البعث، الذي كان يرأسه صدام حسين، بتوزيع معظم الأراضي الزراعية للمزارعين الكورد والتركمان في عدة مناطق بكركوك على مزارعين عرب جُلِبوا من وسط وجنوب العراق، وذلك على شكل عقود زراعية.

استمر العمل بتلك العقود حتى سقوط نظام البعث في عام 2003. بعد ذلك التاريخ عاد المُلاّك الأصليون الى أراضيهم وهم يزرعون في تلك الأراضي منذ 18 عاماً.

خلال الاسبوع الماضي، بدأت موجة عودة للعرب الوافدين الى تلك الأراضي، بالأخص في ناحية سركران، غربي كركوك، منذرةً بمخاوف نشوء صدامات بين مزارعي القوميات المختلفة.

بيروت كانبي، مزارع كوردي يعيش في قرية شناغه ضمن حدود ناحية سركران، قال لـ(كركوك ناو)، "المزارعون العرب عادوا بعد 18 سنة لكي يطالبوا بتلك الأراضي الزراعية، بحوزتهم عقود زراعية يعود تاريخ صدورها الى زمن نظام البعث، يقولون بأنهم أصحاب هذه الأراضي، ونحن كسكان القرية لن نقبل قطعياً ببقاء هؤلاء العرب هنا، سندافع بما أوتينا من قوة."

مطلع الاسبوع الماضي، دخل عدد من المزارعين العرب قرية شناغه حوالي الساعة السابعة صباحاً ونصبوا خيماً هناك ثم طلبوا من المزارعين الكورد إخلاء المنطقة.

sargaran3

كركوك/ تشرين الثاني 2021/ خيم مزارعين عرب في قرية شناغه بناحية سركران   تصوير: كركوك ناو

هذه الخطوة أثارت حفيظة المزارعين الكورد وأنذرت بنشوء صدامات، ولدرء نشوء التوتر والمواجهات أجبرت قيادة العمليات المشتركة في كركوك المزارعين العرب على إزالة خيمهم.

"هؤلاء من أهالي محافظتي الكوت (واسط) والديوانية، يداهمون قريتنا ويرومون الاستيلاء على أراضينا"، على حد قول بيروت كانبي، الذي يملك وثيقة الطابو التي تثبت ملكيته لأرضه الزراعية.

عودة المزارعين العرب وسعيهم للعودة لاستخدام الأراضي الزراعية في كركوك بدأت بعد أحداث 16 أكتوبر 2017، حين عادت القوات الأمنية التابعة لحكومة العراق الى كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها وفي المقابل انسحبت القوات التابعة لحكومة اقليم كوردستان منها.

حكومة الاقليم، مع ظهور تنظيم داعش في عام 2014 و قبل ذلك أيضاً كانت تفرض سيطرتها على محافظة كركوك، خصوصاً من الناحية الأمنية.

وقال بيروت كانبي، "نحن ككورد ليست لدينا سلطة والقيادة الكوردية لا تكترث لمشكلتنا، نناشد حكومة الاقليم وحكومة بغداد بإيجاد حل جذري لهذه المشكلة."

نحن ككورد ليست لدينا سلطة والقيادة الكوردية لا تكترث لمشكلتنا

نجم مام سواره، من سكنة قرية كابركه بناحية سركران قال لـ(كركوك ناو)، "يداهمون أراضينا مدعومين بعقود زراعية تعود لفترة نظام البعث، يريدون طردنا من أرض آبائنا وأجدادنا."

"سالت دماءنا على هذه الأرض، استشهد أهلنا في سبيل هذه الأرض، لكنهم يريدون طردنا"، يقول نجم.

الأراضي الزراعية المتنازع عليها وزعت على العرب الوافدين على هيئة عقود بقرار من مجلس قيادة الثورة، لكن المشكلة هي أن قرارات ذلك المجلس تحظى بقوة قانونية وإلغاؤها يتطلب صدور قانون من قبل البرلمان العراقي.

ديلان غفور، نائبة في الدورة البرلمانية السابقة ومرشحة فائزة بمقعد في البرلمان المقبل قالت في تصريح سابق لـ(كركوك ناو)، "ينبغي إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة لحزب البعث في البرلمان لكي تُعاد تلك الأراضي الى اصحابها الأصليين."

"المسألة قانونية بلا شك، لكنها متعلقة بالسياسة ايضاً، فمثلاً في الدورات السابقة أُدرِجت قرارات مجلس قيادة الثورة ضمن جدول أعمال البرلمان بهدف التصويت على إلغائها، لكن لم يتم تمريرها، لأن عدم إلغائها يصب في مصلحة بعض الأطراف"، حسبما قالت ديلان غفور.

sargarann
كركوك/ تشرين الثاني 2021/ القوات الأمنية العراقية تحاول إزالة خيم مزارعين عرب نصبوها في قرية شناغه بناحية سركران   تصوير: كركوك ناو

مزارعون عرب شددوا في عدة مناسبات عن طريق (كركوك ناو) بأنهم يملكون عقوداً زراعية ويطالبون بتلك الأراضي بموجب القانون.

استمرار هذه المشكلة يأتي في الوقت الذي شكلت فيه الحكومة العراقية والبرلمان عدة مرات لجاناً لمعالجة هذه المشكلة وتطبيع الأوضاع في كركوك، لكن دون أن تأتي بنتائج.

شاخوان عبدالله عضو احدى اللجان التي شُكّلت في عام 2020 لتطبيع الأوضاع في كركوك، قال لـ(كركوك ناو)، "دائرة زراعة كركوك هي المذنبة الرئيسية في هذه المسألة ويجب وضع حد لهذه الانتهاكات."

"هناك قرار صادر من الحكومة العراقية ينص على عدم تجديد عقود العرب الوافدين، يجب أن تبقى الأراضي عند أصحابها لحين حسم النزاعات بصورة نهائية"، حسبما اوضح شاخوان عبدالله، المرشح الفائز بمقعد برلماني عن محافظة كركوك.

لكن زهير علي، مدير دائرة زراعة كركوك، وهو من المكون العربي، قال لـ(كركوك ناو)، "الحل لهذه المشكلة ليس في كركوك، فقط بغداد بإمكانها معالجة هذه المشكلة، وذلك إما عن طريق المحاكم أو مجلس النواب العراقي."

وأضاف، "اللجنة التي شُكلت بقرار من البرلمان العراقي لحل هذا الموضوع لم تكتمل أعمالها."

اللجنة مؤلفة من ممثلي مكونات كركوك الرئيسية الثلاث، الكورد، العرب والتركمان، ولم تجتمع هذه اللجنة منذ ما قبل الانتخابات البرلمانية التي جرت في 10 تشرين الأول الماضي.

وقال زهير علي "أعضاء اللجنة اجتمعوا عدة مرات في كركوك وبغداد، لكنهم لم يتوصلوا الى أي حلول، برأيي يجب أن تتولى الدورة البرلمانية الجديدة معالجة هذه القضية وأن لا تتأخر في ذلك، نحن بانتظار حل قانوني".

بعد 18 عاماً من انتظار البرلمان العراقي لحل هذ المشكلة، يقول نجم مام سواره، " يكفي... الى متى نبقى ننتظر، أطالب من الجميع بذل الجهود لتخليص هؤلاء الناس من المعاناة."

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT