الفراغ الأمني يحيي داعش في المناطق المتنازع عليها

كركوك/ 2020/ عملية عسكرية لقوات البيشمركة في منطقة شيخ بزيني التابعة لناحية شوان   تصوير: كركوك ناو

محمد فياض

قلّما يمر يوم دون أن يشن مسلحو داعش هجوماً على نقاط المرابطة العسكرية في المناطق المتنازع عليها، نتيجةً لوجود فراغات أمنية كثيرة وغياب التنسيق بين قوات البيشمركة التابعة لحكومة اقليم كوردستان و القوات الأمنية التابعة للحكومة الاتحادية العراقية، وذلك رغم مرور أربعة أعوام على إعلان القضاء على داعش في العراق.

آخر هجمات داعش وقعت في 27 و 29 تشرين الثاني الماضي في محور كفري (شمالي محافظة ديالى)، حيث استهدفت ثلاث هجمات قوات البيشمركة واسفرت عن مصرع ثمانية من أفراد البيشمركة.

حسب متابعات (كركوك ناو)، سُجلت في الاسبوع الماضي لوحده ما لا يقل عن 10 حوادث أمنية وهجمات مسلحة في كركوك و المناطق الأخرى المتنازع عليها، نُفذت من قبل مسلحين ينتمون لتنظيم داعش، حسبما أفادت به القوات الأمنية.

"توجد فراغات أمنية كثيرة في تلك المناطق بين خطوط انتشار قوات الجيش و البيشمركة من خانقين (ديالى) و الحدود الايرانية الى منطقة سحيلا (نينوى) قرب الحدود السورية، على امتداد 560 كيلومتراً"، حسبما قال جبار ياور، أمين عام وزارة البيشمركة في حكومة اقليم كوردستان لـ(كركوك ناو).

ويقول ياور بأن الأزمات والضغوط السياسية تعيق انتشار قوات البيشمركة الى جانب قوات الجيش العراقي في المناطق التي تعتبر بموجب المادة 140 من الدستور العراقي متنازع عليها أو "ما نطلق عليه نحن العسكريين في البيشمركة والجيش بالمناطق ذات الأهمية المشتركة."

peshmargak-1

كفري/ 28 تشرين الثاني 2021/ احتراق مركبة همر عسكرية كانت تقل سبعة من أفراد البيشمركة جراء انفجار عبوة ناسفة، لقي على إثره ستة أفراد مصرعهم حرقاً،   الصورة مأخوذة من مواقع التواصل الاجتماعي 

عقب الهجمات التي شهدها قضاء كفري في الأيام القليلة الماضية، طالب مسؤولون كورد، بينهم ئيس اقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني ورئيس حكومة اقليم كوردستان مسرور بارزاني اضافة الى رؤساء عدد من الأحزاب بضرورة تعزيز التنسيق بين الجيش العراقي و البيشمركة من أجل سد الفراغات الأمنية في المناطق المتنازع عليها.

"توجد فراغات أمنية شاسعة بين خطوط تمركز البيشمركة والقوات الاتحادية في بعض المناطق، خصوصاً في ديالى، كركوك، صلاح الدين وأربيل، يصل عمق بعضها الى 40 كيلومتر وعلى امتداد 20 كيلومتراً، لذا فقد اصبحت ملاذاً آمناً لإرهابيي داعش"، على حد وصف جبار ياور.

وأوضح أمين عام وزارة البيشمركة بأن تنظيم داعش بمقدورهم أيضاً استغلال تلك الفراغات للتدريبات العسكرية وكذلك دخول بعض القرى لحث سكانها لكي يشكلوا خلايا نائمة في مناطقهم.

تحركات مسلحي داعش في المناطق المتنازع عليها متواصلة منذ أعوام، بالرغم من أن الحكومة العراقية أعلنت أواخر عام 2017 القضاء كلياً على ذلك التنظيم المسلح في العراق.

الخبير العسكري، اللواء طارق العسل يرى أنه حتى لو لم تتعرض المناطق المتنازع عليها لهجمات، فإن التنسيق بين البيشمركة و القوات الاتحادية ضروري من أجل تعزيز الأمن والاستقرار، نظراً لأن القوات الاتحادية تمتلك أسلحة ومعدات عسكرية أكثر وتحظى بدعم جوي.

وقال العسل لـ(كركوك ناو) بأن الجميع معرضون لتهديدات داعش، لأن عناصر التنظيم ينشطون في حكرين وكركوك، بالأخص الحويجة والدبس والزاب، والمناطق القريبة من حدود محافظة أربيل. "يتواج مسلحو داعش في المناطق الوعرة التي تضم تلال  وهضاب ولم تُتخذ فيها خطط أمنية محكمة كالسابق للسيطرة عليها."

يصل عمق الفراغات الأمنية في بعض المناطق الى 40 كيلومتر وتمتد لـ 20 كيلومتراً

وأوضح ياور  بأنه إذا تم توفير الأمن والاستقرار لسكان تلك المناطق فسيكون بالإمكان المحافظة على ذلك الاستقرار عن طريق السكان أنفسهم، لكن بوجود الخطة الأمنية الحالية ستستمر الهجمات المسلحة، وفي كل الأحوال سيكون التنسيق بين البيشمركة والقوات الاتحادية أمراً ضرورياً، حتى لو عَمّ السلام العراق.

ممثلو كل من وزارة الدفاع العراقية ووزارة البيشمركة بدأوا منذ اشهر محادثات تخص تشكيل لواءين مشتركين بهدف سد الفراغات الأمنية بينهما في المناطق المتنازع عليها.

 وألمح أمين عام وزارة البيشمركة الى أن اتفاق الجانبين يضم نقطتين، الأولى تشكيل غرف للتنسيق المشترك والثانية تشكيل لواءين مشتركين بغية نشرهما في المناطق التي تشهد فراغاً أمنيا بين البيشمركة والجيش، في الوقت الذي يتعذر على لواءين ملء منطقة تمتد لـ560 كيلومتراً بين خطوط البيشمركة والقوات الاتحادية.

ويقول جبار ياور بأن الحل الأمثل هو وجود عمليات عسكرية مشتركة في جميع المناطق الواقعة بين البيشمركة والجيش بكي يتمكنوا من القضاء على داعش بصورة نهائية.

hez la kirkuk
كركوك/ 2021/ مركبة عسكرية في منطقة جنوبي المحافظة  تصوير: إعلام الشرطة الاتحادية

المسؤولون الأمنيون، العسكريون والاداريون في الحكومة الاتحادية شددوا في أكثر من مناسبة على التنسيق بين الجيش و البيشمركة بهدف مواجهة خطر داعش.

وكانت قوات البيشمركة قد تمركزت في معظم المناطق المتنازع عليها بعد هجمات داعش في 2014 لغاية انسحابها عقب أحداث 16 أكتوبر 2017، حين فرضت القوات التابعة للحكومة الاتحادية سيطرتها على تلك المناطق بسبب تأزم العلاقات بين بغداد وأربيل بسبب استفتاء استقلال اقليم كوردستان.

قوات البيشمركة والجيش واصلت منذ ذلك الحين مباحثاتها الى أن توصل الجانبان في ايار 2021 الى اتفاق يقضي بتشكيل مراكز للتنسيق المشترك في بغداد، أربيل، كركوك، ديالى وعدة مناطق من محافظة نينوى.

ويقول الخبير الأمني أسير الشرع بأن عدم استتباب الأمن في تلك المناطق يصب في مصلحة بعض الجهات، مشدداً على أن من الضروري أن تتوصل وفود اقليم كوردستان و بغداد الى تفاهم وأن ينصبوا نقاط مرابطة عسكرية مشتركة وتكون لهم خطط استراتيجية لفرض الأمن والقضاء على تهديدات الجماعات المسلحة.

"يجب التوصل على تشكيل قوافل عسكرية مشتركة بمشاركة التحالف الدولي والحشد الشعبي لحماية تلك المناطق، مثلما نجحوا سابقاً في استعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش"،  حسبما أوضح الشرع في حديثه لـ(كركوك ناو)، مطالباً بتوحيد الخطط الأمنية للحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ومواجهة التهديدات بصورة مشتركة، لأن الخروقات الأمنية وحوادث العنف تستهدف الجانبين.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT