"في كل دورة يتقاسمون السلطة وتخلو من ممثل للتركمان فيها، وأخشى أن يتكرر السيناريو هذه المرة أيضاً" هكذا يعبر أمجد حميد، وهو مواطن تركماني من قضاء تلعفر، عن مخاوفه.
ومن هذه المخاوف تنطلق مطالب أهالي القضاء ذات الغالبية التركمانية، بإنصافهم في التشكيلة الحكومية القادمة، بعد أن خلت الحكومات السابقة من ممثل لهم، عدا في دورة واحدة، على الرغم من أن المكون التركماني، يعد الثالث بعد العرب والكورد، ويمثل نحو 9% من مجموع سكان العراق.
وفي حكومة نوري المالكي الثانية 2010-2014، تولى عز الدين الدولة (من تلعفر) وزارة الزراعة، بينما خلت الحكومات المتتالية من شخصيات من القضاء.
أمجد وهو شاب في الربيع الثالث من العمر، يضيف خلال حديثه لـ(كركوك ناو) أن "التركمان قدّموا تضحيات كبيرة على مر الزمان، وآخرها في الحرب مع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، وساهموا في بناء العراق، ومن الانصاف أن يكون لهم دور في الحكومة القادمة".
وشهدت الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، إقبالا ضعيفا من الناخبين، إذ كانت نسبة الإقبال هي الأقل على مر الدورات السابقة ومنذ انتخابات عام 2005.
لدينا شخصيات مؤهلة لإدارة الحكومة، لذا مطالبنا لم تأتي من اجل العنصرية او المحاصصة
وحصل تحالف سائرون على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وشككت أحزاب في نتائج الانتخابات، ولكنها خسرت الطعون التي قدمتها. ومن المنتظر أن يتقرر في البرلمان تحديد من هي الكتلة الأكبر وإثرها يطلب الرئيس الجديد منها تشكيل الحكومة. بينما حصل التركمان على سبعة مقاعد في البرلمان الجديد.
"المطالبة بممثل للتركمان في الحكومة القادمة ليس من قبيل العنصرية والمحاصصة، بل للتأكيد على كونهم شريحة أساسية في المجتمع العراقي، ولوجود شخصيات مؤهلة بإمكانها المساهمة في ادارة البلد والنهوض بواقعه" هذا ما يقوله ياسين عبدالكريم، وهو معلم متقاعد.
ويرى في حديثه لـ(كركوك ناو) أن "المناطق التركمانية تعرضت إلى دمار كبير جراء سيطرة تنظيم داعش وما تلتها من عمليات عسكرية، وهي بحاجة ماسة إلى من يوصل صوت سكانها إلى الحكومة بهدف اعادة اعمارها وارجاع نازحيها الذين ما زالوا منتشرين داخل وخارج العراق".
وقبعَ قضاء تلعفر، زهاء ثلاث سنوات تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، الذي قتل العشرات من أهله، فيما مصير 1300 منهم ما زال مجهولاً، بعد أن أقدم على خطفهم منذ الساعات الأولى لسيطرته على القضاء إلى إعادة سيطرة القوات الامنية العراقية عليه، بينهم أطفال ونساء.
"هذه دعوة ربما مبكرة للزعماء السياسيين إلى أن لا يحرموا التركمان من تسنم الوزارات والمواقع الادارية المتقدمة، أسوةً بغيرهم من مكونات الشعب العراقي، فمن حق الجميع أن يشارك في هذه المسؤولية، لئلا يشعر أي مكون بالغُبن والتهميش" بحسب وصف ياسر عدنان، ويبلغ من العمر 37 عاما.
ويسترسل في حديثه لـ(كركوك ناو) قائلاً "إننا وإن كنا نلقي باللوم على الآخرين في تهميشنا كتركمان الا أن الساسة التركمان أنفسهم يتحملون جزءاً من ذلك التهميش، حيث الخلافات والصراعات والتشتت إلى قوائم مذهبية وحزبية أضاع الكثير من حقوقنا، وربما حان الوقت من اجل ان يتوحدوا ويكونوا يداً واحدة للمطالبة بحق الشعب التركماني".
وعلى مستوى البرلمان، فقد اختير محمد تقي المولى، ومحمد أمين عثمان، وإيمان سلمان (وجمعيهم من تلعفر)، أعضاءً في الجمعية الوطنية المؤقتة، ثم انتخب المولى وعز الدين الدولة، ونبيل حربو، ونهلة هبابي، وساجدة الافندي، وحسن وهب، وخليل المولى، ولليال محمد علي، ومختار الموسوي وثابت العباسي، كممثلين عن تلعفر، في دورات برلمانية سابقة، بينما شهدت الانتخابات الأخيرة، وصول نائبة واحدة من مركز تلعفر (زليخة بكار) عبر نظام الكوتا، فيما استحوذت النواحي التابعة للقضاء على المقاعد الثلاثة الأخرى.
وعقد البرلمان المنتخب في دورته الخامسة، أولى جلساته في التاسع من الشهر الجاري، وتم التصويت على رئيس حزب تقدم رئيساً للبرلمان، أمام منافسه محمود المشهداني والذي افتتح الجلسة كونه الاكبر سناً بين النواب الفائزين، فيما تم التصويت على حاكم الزاملي من تحالف سائرون نائبا اول لرئيس البرلمان، اما النائب الثاني فكانت من حصة كركوك، حيث تم التصويت على القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبد الله.
ويقع تلعفر، التي تسكنها نحو 450 الف نسمة، موزعة على مركز المدينة ونواحٍ ثلاث، شمال غرب الموصل، وجميع سكان مركزها من القومية التركمانية، فيما ينتشر العرب والكورد في بعض النواحي والقرى التابعة له.