تسعى منظمة وادي الألمانية لنقل تجربتها في مجال مناهضة ختان الاناث من اقليم كوردستان الى محافظات العراق الأخرى بهدف اجتثاث تلك الظاهرة في المجتمع وحظره في إطار القانون.
تجربة المنظمة في محافظات اقليم كوردستان تمتد لأكثر من 15 عاماً نجحت خلالها في إنهاء ظاهرة ختان الإناث في مناطق حلبجة وكرميان.
الحملة الجديدة لمنظمة وادي في العراق ستبدأ في 6 شباط 2022، الذي يصادف اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، وابواب الحملة مفتوحة على مصراعيها أمام أي منظمة أو جهة ترغب بدعم الحملة والمشاركة فيها.
توماس فوندير أوستن، المدير العام لمنظمة وادي الألمانية قال لـ(كركوك ناو)، "الحملة الجديدة هي لتشجيع الناس والمجتمع على رفض ختان الإناث وذلك من خلال مطلبين رئيسيين، أحدهما إجراء دراسة من قبل المنظمة وثانياً نقل جهودهم الى البرلمان العراقي لكي يحظر تلك الممارسة بقانون."
وتشير دراسة سابقة أجرتها الأمم المتحدة في عام 2011 الى أن نسبة ختان الإناث في اقليم كوردستان تفوق 44 بالمائة، لكن هذه النسبة في محافظات العراق الأخرى أقل من 1 بالمائة.
منظمة وادي تنتقد هذه الدراسة وتطالب بإجراء دراسة جديدة لأنها ترى بأن "النسبة الحقيقية لختان الإناث" ظهرت في اقليم كوردستان نتيجة لجهود المنظمة وعملها المتواصل على هذه القضية، فيما لم تتم إثارة القضية في باقي محافظات العراق وظلت النسبة الحقيقية لتلك الممارسة طي الكتمان.
وقال توماس لـ(كركوك ناو) أنه بسبب الدراسة التي أجرتها الأمم المتحدة بات العالم يعتقد بأن ختان الإناث يمارس في اقليم كوردستان فقط وأن تلك الظاهرة معدومة أو قليلة جداً في العراق، في حين أن الأمور ليست بهذا الشكل، فظاهرة ختان الإناث شائعة في بغداد وبابل ومناطق أخرى من العراق.
"إذا كان الختان شائعاً عند الكورد فقط إذن لماذا لا يمارس الكورد القاطنون في بغداد، وعددهم كبير، ختان الإناث؟ دراسة منظمة الأمم المتحدة تقول بأن النسبة منخفضة جداً في بغداد، لذا فإن هذه المشكلة لا علاقة بها بقومية معينة بل تشمل جميع أنحاء العراق."
ويقول مدير منظمة وادي بأن الدراسات التي أجرتها المنظمة في محافظة دهوك، وقاطنوها أيضاً من الكورد، أظهرت بأن نسبة ختان الإناث قليلة جداً فيها، لكن هناك أدلة ومعلومات تفيد بأن ختان الإناث يُمارس في كل من بغداد، كركوك، بابل وخانقين.
وألمح توماس الى أن الأمم المتحدة اعتبرت في وقت سابق ختان الإناث ظاهرة مستفحلة في أفريقيا، "استغرق الأمر منا سبع سنوات لكي نتمكن من إقناع الأمم المتحدة بأن هذه الظاهرة موجودة أيضاً في العراق."
منظمة وادي أجرت في عام 2010 دراسة موسعة في اقليم كوردستان لمعرفة نسبة ختان الإناث التي وصلت في بعض المناطق الى 70 بالمائة، وبعد عامين نشرت المنظمة نتائج دراسة أجرتها في محافظة كركوك.
بحسب الدراسة التي أجريت في كركوك والتي شارك فيها أكثر من ألف فتاة وامرأة، تبين بأن نسبة النساء والفتيات اللائي تعرضن للختان بلغت 38 بالمائة، غالبيتهم من الكورد، يليهم العرب ثم التركمان من كلا المذهبين، السني والشيعي، لكن لم تسجل حالات لختان الإناث بين المسيحيين.
نتائج الدراسة والمعلومات التي جُمِعت في مناطق أخرى مثل بغداد وبابل تثبت بأن الظاهرة موجودة في محافظات العراق الأخرى، لذا تحاول وادي بالتعاون مع الناشطين، المنظمات، الحكومة والبرلمان مواجهة المشكلة.
في عام 2005، أطلقت وادي حملة "أوقفوا ختان الإناث" في اقليم كوردستان ويعد حظر هذه الظاهرة في إطار القانون جزءاً من مكتسبات تلك الحملة.
وفقاً لقانون مناهضة العنف الأسري الذي اقرّه برلمان كوردستان في عام 2011، يعتبر ختان الإناث نوعاً من أنواع العنف يعاقب عليه بالحبس لمدة تصل الى ثلاث سنوات وغرامة تصل الى 10 ملايين دينار.
جيمن رشيد، مسؤولة مكتب منظمة وادي ف يدهوك، قالت لـ(كركوك ناو)، "المجتمع العراقي بحاجة للإعداد والتمهيد لكي تتولد عند أفراده القناعة بضرورة رفض ختان الإناث، لأجل ذلك من الضروري التحاور مع رجال الدين، الأسرة، المنظمات والحكومة لكسب ثقة الناس ونشر الوعي بخصوص اضرار ختان الإناث."
لا يوجد في العراق قانون يحظر أو يحث على ختان الإناث.
"استفسرت من بعض منظمات المجتمع المدني فأجابوا بأن الممارسة تجري على نطاق واسع في العراق لكن بصورة سرية"، حسبما قالت جيمن التي ترى بأن الوقت حان لكي يتم منع ختان الإناث بصورة عملية في مناطق العراق الأخرى، أسوةً بإقليم كوردستان.
تتبنى منظمة وادي ثلاث استراتيجيات في مناهضة ختان الإناث: نشر الوعي، جمع البيانات والعمل على اجتثاث الظاهرة بين الناس.
يقول توماس فوندير أوستن بأن المنظمة تتوقع أن تواجه نفس التحديات التي واجهتها في إقليم كوردستان خلال نقل تلك التجربة الى مناطق العراق الأخرى، "لكن الفرق هو أننا لن نبدأ من الصفر، الإعلام العراقي يعمل باستمرار على إعداد ونشر تقارير بشأن مناهضة ختان الإناث في اقليم كوردستان، بالتالي لن يكون الموضوع مستجداً على الناس."
يأمل توماس بأن تصل حملتهم الى البرلمان في وقت قصير، وأن يتم حظر ختان الإناث في إطار القانون، مثلما حدث في اقليم كوردستان، ويتطلع منظمو الحملة لضمان الحصول على دعم النواب الكورد في بغداد على اقل تقدير.
لا يخشى توماس من تأثير الخلفيات الدينية لأغلبية نواب البرلمان على المساعي لحظر وتجريم ختان الإناث، نظراً لأن الحملة تعتمد على المذهب الحنفي الذي يعتبر الختان سنة و ليس واجباً، بخلاف المذهب الشافعي.
يقبع قانون مناهضة العنف الأسري منذ سنوات على رفوف البرلمان العراقي ولم يتم إقراره حتى الآن، لكن القانون لم يخصص أية فقرة لحظر ختان الإناث مثلما جاء في القانون الذي صدر في اقليم كوردستان.
يعتقد توماس بأن حظر ظاهرة ختان الإناث في إطار القانون سيكون له دور كبير في وضع حد للظاهرة لأن المواطنين سينضمون الى جهود مناهضة ختان الإناث على نطاق أوسع إذا علموا بأن ممارسته ستكون لها عواقب قانونية، ولفت توماس الى أن البرلمان هو من سيقرر فيما إن كان سيضيف فقرة خاصة بحظر ختان الإناث الى مشروع قانون مناهضة العنف الأسرين أم أنه سيصدر قانوناً مستقلاً.
وتشير دراسة للأمم المتحدة في العراق لعام 2018 الى أن أكثر من 7 بالمائة من الفتيات يتعرضن للختان وأن المنظمة تخطط لوضع نهاية لهذه الظاهرة بحلول عام 2030.
مسؤولة مكتب منظمة وادي في دهوك تقول بأن العمل في محافظات العراق الأخرى يعرضهم لتحديات كثيرة "لأنها المرة الأولى التي تحاول فيها منظمة ما إثارة موضوع ظل طي الكتمان في المجتمع لآلاف السنين، في وقت لا تجرؤ فيه المرأة على التحدث عن مواضيع حساسة كهذه.
"لكننا نريد تجاوز جميع العقبات والتحديات وتنفيذ المشروع"، تقول جيمن رشيد.
الى جانب الحملة الجديدة، ستستمر مشاريع منظمة وادي في اقليم كوردستان، ظاهرة ختان الإناث لم تُجتث في العديد من المدن، ويركز الجزء الثاني من مشاريع المنظمة على الفتيات والنساء اللائي تعرضن للختان لمساعدتهن على تجاوز آثار تلك الممارسة واستعادة الحياة الطبيعية.
وادي، منظمة غير حكومية تأسست في عام 1992 بهدف تقديم المساعدة في الأزمات والتعاون في جهود التنمية وتمثل مناهضة ختان الإناث أحد برامج عمل المنظمة، وتعد (كركوك ناو) أحد شركاء منظمة وادي.