بعض الادارات المحلية في العراق تطبع وتنشر الملصقات التوعوية لحث الناس على تلقي لقاح كورونا باللغة العربية فقط، حتى في المناطق التي تشكل الأقليات الدينية والقومية غالبية سكانها والتي تحظى بلغات خاصة بها، لكن بعض منظمات المجتمع المدني تحرص على نشر تلك البوسترات التوعوية بست لغات تتحدث بها الأقليات.
ويأتي ذلك في حين يتحدث أعضاء الفرق الحكومية والمنظمات مع ابناء الأقليات بلغاتهم المحلية في المناطق التي تقطنها الأقليات، وذلك لكي لا يشكل انعدام بوسترات التوعية باللغات الأم مشكلةً للأقليات.
محمد اشرف (45 سنة)، من سكنة قضاء تلعفر، الذي يبعد 70 كلم غرب الموصل بمحافظة نينوى قرب الحدود العراقية –السورية. محمد واحد من عشرات المواطنين التركمان الذين اطلعوا على بوسترات مكتوبة باللغة العربية وليس بلغتهم الأم (التركمانية)، لكنه يرى بأن ذلك لا يمثل مشكلة له لأنه قال، "عدة فرق تطوعية ومنظمات محلية زارت منطقتنا وتحدثوا معنا باللغة التركمانية، داعين السكان إلى ضرورة الوقاية من فايروس كورونا، وأهمية أخذ اللقاح المضاد له."
وأضاف، "بعضهم قدموا منشورات تحتوي على معلومات صحية. فيما البعض الآخر وفروا مستلزمات النظافة والتعقيم للعوائل.. تحدثوا معنا بلغتنا وكانت المعلومات التي قدموها واضحة."
وفقاً لتقديرات وزارة التخطيط العراقية لعام 2019، يبلغ عدد سكان تلعفر أكثر من 524 ألف نسمة، غالبية سكان مركز القضاء من المكون التركماني الى جانب العرب السنة و الايزيديين في مركز القضاء وأطرافه.
المديرية العامة لصحة نينوى، في إطار حملات التوعية، أرسلت ملصقات توعوية الى قضاء تلعفر، لكن جميعها كانت مكتوبة باللغة العربية.
(كركوك ناو) زارت وحدة العلاقات والاعلام في قطاع صحة تلعفر والتي بدورها شددت على أن جميع الملصقات والمنشورات لحث المواطنين على تلقي اللقاح مكتوبة باللغة العربية وأرسلت اليهم من قبل المديرية العامة لصحة نينوى التابعة لوزارة الصحة العراقية.
لكن لتفادي مشكلة التواصل، تعتمد صحة تلعفر على فرق أعضاؤها من الأقليات ويتحدثون بلغة اقليات المنطقة لكي يتمكنوا من توضيح أهمية أخذ اللقاح لهم.
بصورة عامة، تُنشر ملصقات توعية المواطنين في المستشفيات والمراكز الصحية.
" الفرق المكلفة بالتوعية تضم أو في الغالب هي كوادر من أبناء المنطقة، لسهولة التواصل مع السكان بلغتهم الأم... لم تردنا بوسترات (ملصقات) باللغة التركمانية، باعتبار أن غالبية السكان في تلعفر لا يجيدون القراءة باللغة التركمانية وإن كان الجميع يتحدث بها"، حسبما أوضح مسؤول وحدة العلاقات والاعلام في قطاع صحة تلعفر.
لكن علي أحمد، ناشط مدني في تلعفر يعمل ضمن فريق تطوعي مهمته حث أهالي المنطقة على تلقي لقاح كورونا، قال لـ(كركوك ناو)، " البعض من سكان المنطقة لا يجيدون اللغة العربية، لا سيما أولئك الذين لم يرتادوا المدارس، لذا من الضروري حثهم على أخذ اللقاح بلغتهم الأم."
علي يتحدث باللغة التركمانية مع تركمان تلعفر ويقول بأن ذلك مهم لإيصال المعلومة الدقيقة للسكان.
رغم ذلك يقول علي أحمد، "من المؤسف أن المنشورات التي قمنا بطباعتها كانت باللغة العربية لأن الكثير من السكان، في الوقت ذاته، لا يجيدون القراءة باللغة التركمانية، سواءً كانت بالحروف العربية أو اللاتينية، حتى أولئك الخريجين الكثير منهم لا يجيد قراءة لغته الأم لكونه لم يتعلمها في المدارس التي تعتمد الدراسة باللغة العربية."
بصورة عامة، وجود لغات الأقليات على الملصقات يختلف من منطقة الى أخرى، على سبيل المثال، الملصقات المنشورة في مخيم دركار للنازحين في قضاء زاخو –قرب الحدود العراقية التركية-، وتقطنها أغلبية ايزيدية، مكتوبة باللغتين العربية والكوردية (اللهجة الكرمانجية)، حيث أن الايزيديين يتحدثون ويكتبون بالكرمانجية، لكن معظمهم يجيدون العربية.
نوري سعيد دربو، معلم يسكن في ذلك المخيم الذي يأوي ثلاثة آلاف و 328 نازحاً، قال لـ(كركوك ناو)، "نفهم اللغات المستخدمة في الملصقات جيداً، لكن حملات الدعاية لحث الناس على تلقي لقاح كورونا قليلة إجمالاً."
"النازحون ليسوا كغيرهم من المواطنين، لأنهم بعبدون عن مراكز المدن، لذا يجب أن تُبذل جهود مضاعفة مقارنة بسكان المدن لتشجيعهم على أخذ اللقاح، لأن ظروفهم المعيشية جعلتهم لا يهتمون كثيراً باللقاح، أدعو لزيادة حملات الدعاية ونشر الملصقات"، يقول نوري سعيد دربو الذي تلقى جرعتين من لقاح كورونا.
فيصل علي، مواطن ايزيدي يعيش في مخيم جمشكو بقضاء زاخو، والذي يضم 21 ألف و 551 نازح، قال لـ(كركوك ناو)، "حث النازحين عن طريق البوسترات لأخذ اللقاح في أدنى مستوياته، شخصياً، لم أرَ حتى الآن ملصقاً يشد انتباهي ويحفزني على الذهاب لتلقي اللقاح."
"معظم النازحين الذين تحدثت معهم يقولون بأنك إذا اخذت اللقاح فستموت بعد سنوات قليلة، أو ستصاب بأمراض متنوعة، ينبغي أن توضح الفرق التطوعية هذه الأمور للنازحين"، حسبما يقول فيصل علي.
تعرف على 10 حقائق عن الديانة الايزيدية من خلال هذا الفيديو
في محافظة دهوك، يعيش 189 ألف و 424 نازح ولاجئ في المخيمات، حسب احصائيات مديرية صحة دهوك تم توزيع 42 ألف و282 جرعة من لقاح كورونا حتى نهاية شباط الماضي، بعضهم تلقوا جرعة واحدة والبعض الآخر تلقوا جرعتين.
لغاية 2 آذار 2022، تم إعطاء 467 ألف و 410 جرعة لقاح في محافظة دهوك، وفقاً لإحصائية لوزارة الصحة العراقية، وذلك من مجموع مليون و 600 ألف شخص من ضمنهم النازحون واللاجئون.
حول قلة الملصقات في مخيمات النازحين، قال حمزة محمد، مسؤول إعلام مديرية صحة دهوك، لـ(كركوك ناو)، "نحن بصدد مشروع كبير لتوعية المواطنين وحثهم على تلقي اللقاح، المشروع يُنف على مستوى وزارة الصحة في حكومة اقليم كوردستان و يتألف من رسائل صوتية، ملصقات، ندوات ومحادثات مباشرة مع النازحين"، وشدد على أن "حصة الأسد في المشروع سيكون من نصيب النازحين المقيمين في المخيمات واللاجئين."
حول موعد بدء المشروع والتفاصيل المتعلقة به اكتفى حمزة بالقول، "موعد تنفيذ المشروع لم يحدد بعد، لكنه سينطلق في أقرب وقت."
العام الماضي، أطلق عدد من المنظمات التابعة للأقليات، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، حملة لتوزيع 17 ألف ملصق توعوي حول كورونا في مناطق متعددة من تسع محافظات عراقية بلغات ست أقليات ومكونات تعيش في تلك المحافظات.
عامر المولى، نائب رئيس مؤسسة انقاذ التركمان –تشرف منظمته على الحملة- قال، "الهدف كان توعية مجتمعات الأقليات في العراق بلغتهم الخاصة بتأثيرات فيروس كورونا، والدعوة إلى الالتزام بتدابير الحماية الصحية والحاجة إلى التطعيم.
الملصقات البالغة عددها 17 ألف ملصق تُرجِمت الى لغات المكونات والأقليات الست وهي، السريانية (المسيحيون)، آفيستا (الزردشتيون)، الكرمانجية (الايزيديون)، المندائية (الصابئة المندائيون)، التركمانية (التركمان)، الماجو (الكاكائيون)، كما أوضح عامر المولى.
شمل توزيع الملصقات المناطق التي تقطنها الأقليات في محافظات نينوى، كركوك، ديالى، صلاح الدين، دهوك ومحافظات أخرى.
تم توزيع الملصقات من قبل فرق متطوعة من منظمات المجتمع المدني المسيحية (منظمة إيتانا للمرأة) والكاكائية (منظمة ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية)، والصابئة المندائية (منظمة ياردنا الخيرية)، والتركمانية (مؤسسة انقاذ التركمان)، والإيزيدية (منظمة يازدا)، والزرادشتية (منظمة يسنا لشؤون الفلسفة والدين الزرادشتي.
يملك التركمان سبعة مقاعد في البرلمان العراقي، موزعة على محافظات نينوى (في قضاء تلعفر)، كركوك، صلاح الدين (في قضاء طوز خورماتوو)، ديالى وبغداد.
لكن الأقليات الأخرى حصلت على مقاعدها بموجب نظام الكوتا في إطار قانون الانتخابات، من ضمنهم المسيحيون (5 مقاعد) في كل من بغداد، نينوى، دهوك، أربيل وكركوك. أما الشبك، الصابئة المندائيون والكورد الفيليون خُصص لكل لهم مقعد واحد، (الشبك والايزيديون في نينوى)، الكورد الفيليون في محافظة واسط و الصابئة المندائيون في بغداد.
الكاكائيون والزردشتيون ليست لديهم مقاعد كوتا ، لكن الكاكائيين نجحوا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الفوز بمقعدين في إطار ترشحهم ضمن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني.
وتمكنت أقليات أخرى، فضلاً عن مقاعد الكوتا المخصصة لها، من الفوز بمقاعد إضافية في إطار الأحزاب التي وصلت الى البرلمان، مثال ذلك الايزيديون.
وقال عامر المولى، "بالإضافة إلى نشر الرسائل الرئيسية حول كوفيد-19، كان لحملة التوعية تأثير معزز بشكل متبادل لزيادة الوعي بلغات الأقليات التي يتم التحدث بها في العراق بين المجتمعات المحلية المتنوعة، بما في ذلك أولئك الذين ليسوا على دراية باللغات"، وأضاف، " إجمالاً، وصلت الحملة إلى 67 حياً و12 قرية نائية في 25 قضاء عبر تسع محافظات لم تكن قد تلقت سابقاً مواد توعية بلغاتهم الأم."
وضمّت الحملة، حسب عامر المولى، 121 متطوعاً (70 رجلاً و51 امرأة) وزعوا ملصقات في المدارس والمستشفيات ومراكز الشرطة ودور العبادة والأماكن العامة.
في محافظة نينوى، تم توزيع 754 ألف و 679 جرعة لقاح كورونا لغاية 2 آذار الحالي، ويبلغ مجموع سكان المحافظة أربعة ملايين و 30 ألف نسمة.
منظمة وادي الألمانية تدعم منظمة محلية تدعى منظمة (زيندا) لتوعية النازحين في مخيمات دهوك حول أهمية أخذ اللقاح.
عضوة في فريق منظمة وادي تكشف عن معلومات بخصوص الحملة
فريق مؤلف من أربع فتيات ايزديات من منظمة زيندا يجتمعن مع النازحين في مخيم خانكي الذي تقطتنه اغلبية ايزيدية، ويتحدثن معهم بلغتهم الأم ويوزعن عليهم منشورات وملصقات توعوية.
آية جلال، منسقة مشاريع منظمة زيندا، وإحدى هؤلاء الفتيات الأربع، قالت لـ(كركوك ناو)، "نزور المخيم يومياً، نشجع النازحين على تلقي اللقاح بشتى الطرق، بالتحاور وإعطاء المعلومات، أو تعليق ملصقات إرشادية وتوعوية في المخيم."
"هدفنا أن يتلقى أكبر عدد من النازحين اللقاح، نشعر بأننا حققنا هذا الهدف"، ولفتت آية جلال الى أن " 30 شخصاً في اليوم يتلقون اللقاح". منظمة وادي أخذت على عاتقها طبع الملصقات باللغة العربية وتهدف لنقل حملتها الى مخيمات أخرى.
وفقاً لإحصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لوزارة الداخلية في حكومة اقليم كوردستان، يتواجد أكثر من 664 ألف نازح في اقليم كوردستان، يتوزع قسم منهم على 26 مخيماً للنازحين في الاقليم، 16 مخيماً منها في محافظة دهوك.
يشكل الايزيديون نسبة 30 بالمائة من مجموع النازحين في اقليم كوردستان، 7 بالمائة من المسيحيين و 10 بالمائة من الأقليات الأخرى، والبقية من الكورد والعرب السنة.
يقيم في مخيم خانكي الذي تنشط فيه فريق منظمة زيندا، 14 ألف و 123 نازح في إطار ألفين و 705 عائلة.
محمد كريم، نازح من قضاء سنجار يعيش في مخيم كبرتوو بدهوك، قال لـ(كركوك ناو)، "أعتقد بأن حيث النازحين ليس بالشكل الكافي، على سبيل المثال، يوجد مركز تطعيم ف يمخيمنا، لكن هناك في المخيم من لا يعرف بأن لقاح كورونا يوزع في ذلك المركز."
وأضاف، "نرغب في أن يتم تعليق تلك الملصقات في المخيم بلغة نفهمها، وسيكون من الأفضل لو كانت باللهجة السنجارية لكي يفهمها الجميع."