وسط تصفيق الحضور وبخطى واثقة؛ ترجلت سما حسان علي منصة التكريم كأحدى أفضل ستة باحثات على مستوى الشرق الاوسط (والوحيدة من العراق) تم اختيارهن من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالتعاون مؤسسة لوريال فاونديشن.
اختيار سما جاء عن بحوثها حول إيجاد طرائق صديقة للبيئة اقل تكلفة وأسرع تجاوبا لمعالجة الترب الملوثة بالمخلفات النفطية، وتم تكريمها على هامش معرض اكسبو 2020 في امارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة.
البغدادية سما حسان (28 عاماً) تخصصت بعلوم الحياة (البيولوجي) عند دخولها أروقة كلية العلوم بالجامعة المستنصرية، دفعها "حب التعلم" الى أكمال دراستها ونيلها شهادة الماجستير، وحاليا طالبة بمرحلة الدكتوراه في نفس الجامعة.
صعوبات ومغريات
"الطلبة الطامحون بنيل أعلى المستويات في العلوم الطبيعية الواسعة لديهم الفرصة أن ينجحوا باكتشاف احد اسرار الكون والعالم"، تقول سما وتحفز اقرانها على البحث العلمي.
عند اكمال شهادتها الجامعية الأولية (البكالوريوس) فشلت سما في اختبار الازم بالإتحاق بمرحلة ماجستير، لكن هذا لم يثني عزيمتها على تحقيق هدفها، وثابرت عاماً كاملاً استعدت فيه جيداً واستطاعت اجتياز الاختبار بسهولة.
وعند نيلها شهادة الماجستير؛ ومن اجل اكمال حلمها، فضلت الباحثة سما إكمال دراستها على فرصة عمل تلقتها من جهات عديدة، واستطاعت اجتياز الاختبار الخاص بالمرحلة الدكتوراه من اول مرة.
لم تكن رحلة سما خالية من العقبات، واصلتها بغياب الدعم المالي والمعنوي للباحثات، وضعف بعض الإمكانيات اللازمة في البحث العلمي.
ناهيك زحمة شوارع بغداد تأخذ من وقتها غالبا أكثر من ساعة والنصف يوميا عند ذهابها يومياً من منزلها في الجانب الكرخ إلى جامعتها في الجانب الرصافة من مدينة بغداد، ووقتاً مماثلاً عند عودتها.
ولم تكترث للأصوات "المحبطة" المتحججة بان حياتها فقط "دارسة ومثابرة" والتي حاولت ان تثني عزمها، لكن الباحثة سما لم تستمع لتلك الأصوات واستمرت بتحقيق حلمها بدعم من أهلها.
التميز على مستوى الشرق الأوسط
اختارت اليونسكو بالتعاون مع لوريال فاونديشن الباحثة سما نتيجة بحوثها في علم الحياة، ضمن برنامج الباحثات الصاعدات من "أجل المرأة في العلم" جمعت فيه لأول مرة على الإطلاق 14 عالمة عربية، ست باحثات (من ضمنهن سما) على مستوى منطقة الشرق الأوسط وثمان باحثات من دول شمال أفريقيا.
"يهدف بحثي على إيجاد طرائق صديقة للبيئة اقل تكلفة واسرع تجاوبا لمعالجة الترب الملوثة بالمخلفات النفطية"، تقول سما.
وعملت الباحثة على تتبع التغاير الجيني للنباتات المحيطة بالترب الملوثة وايجاد طرق علاج بيولوجية لمكافحة التلوث، وذلك ضمن أطروحة الدكتوراه التي تعتزم تقديمها لعمادة كلية العلوم بجامعة المستنصرية.
وجرى الحفل للباحثات في "مركز دبي للمعارض" في إكسبو 2020 دبي بتاريخ 9 شباط 2022، تقديراً لأبحاثهن في مجالات مثل علوم الحياة والبيئة والفيزياء والرياضيات وعلوم الكمبيوتر.
هذه الجائزة تنحصر في فئتي الباحثات من طلاب الدكتوراه والباحثات العلميات ما بعد الدكتوراه، تأكيداً على دورهن في مواجهة تحديات اليوم، بالإضافة إلى إلهام جيل المستقبل من النساء.
تم تكريم الباحثة سما على يد وزيرة دولة للتكنلوجيا المتقدمة الإماراتية ورئيسة وكالة الأمارات للفضاء ساره بنت يوسف الاميري بحضور الكسندرا بالت الرئيس التنفيذي لمؤسسه لوريال فاونديشن.
وعند عودتها إلى العراق، تم تكريمها من قبل رئيس جامعة المستنصرية الدكتور حميد فاضل التميمي.
الجائزة تحفيز للنساء
"ستساعدني هذه الجائزة في أن أكون قدوة لزملائي وطلابي، وتكون مصدر الهام لتشجيع المزيد من النساء على الانضمام إلى مجتمع البحث العلمي" تقول الباحثة سما.
وتضيف "انا أشجع الباحثات على الأيمان بأنفسهن والقتال من اجل نيل العلا والعلم، فحتما سيأتي الوقت الذي سيشرقن فيه".
على الرغم من كل الجهود المبذولة، "لا تزال النساء يمثلن نسبة صغيرة في جميع مجالات البحث العلمي، من البحث الأساسي إلى مستويات صنع القرار بالجامعات العراقية، لذلك فإن هذه الجائزة ستشجع النساء على الانخراط في معتركات الدراسات العليا والبحث العلمي"، على حد قول الباحثة سما.
وعلى الرغم من تحقيق هذا الإنجاز، تسعى الباحثة سما إلى تطبيق بحثها على ارض الواقع والاستفادة منه، وتتلقى تعيين حكومي بإحدى الجامعات العراقية لكي تستطيع تنقل تجاربها وخبرتها للأجيال الصاعدة.