على بعد 3 كيلومترات عن باب محطة للوقود في الجانب الأيمن من الموصل يجلس أحمد الحيالي (28عام) داخل سيارته القديمة ذات اللون الأسود. يقول أحمد انه مضى على وقوفه أكثر من نصف ساعة ولا يعرف كم تبقى لينال فرصة الحصول على بضعة لترات يملأ بها خزان سيارته المتعطشة بحسب قراءة سهم الوقود.
انفراجة مؤقتة
بتاريخ 18 فبراير حمل شباب متطوعون في الموصل وناشطون. "جليكانات" فارغة ووقفوا عند بوابة دائرة المنتوجات في نينوى محتجين على أزمة وقود متكررة وخانقة.
الوقفة هذه أثمرت استبدال مدير الدائرة "معاذ النعيمي" الذي برر تنحيه بإجازة مرضية نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ليبدأ المهندس
"شيت رمضان" بالعمل عوضا عنه. لكن الانفراجة التي لازمت تغيير الشخوص وزيارة مدير عام شركة المنتجات النفطية لنينوى " حسين طالب" لم تستقر سوى يومين أو ثلاثة لتعود الطوابير بزخم أكبر من ذي قبل.
أوقفوا التهريب!
بينما يطفئ الحيالي سيارته اقتصادا بالوقود بعد تقدمه لعدة أمتار يشعل سيجارته ويقول لـ كركوك ناو "الكل يتحدث عن عمليات تهريب تتسبب في الأزمة الا المسؤولين الحكوميين".
وفي خضم الأزمة أرسل محافظ نينوى من يمثله لإجراء جولة ميدانية في عدد من محطات التعبئة في الموصل. قائممقام الموصل "أمين الفنش" تحدث عن إجراءات وخطط ستنهي الازمة خلال أيام وأول خطوة لتحقيق ذلك. البطاقة الوقودية شريطة الحصول على المنتوج. لكن لم يذكر وبحسب مختصين الأسباب "الأكثر قبولا" والتي شخصها بنفسه وهو مستشار للمحافظ قبل أن يتسلم منصب قائممقام الموصل بتزكية من "الديمقراطي الكوردستاني" الذي يعتبر المنصب من حصته.
يتم تزويد المواطنين كافة بغض النظر عما إذا كانوا من نينوى أو من غيرها
أما مدير مكتب المحافظ فقال "هناك اعداد كبيرة تزور الموصل يوميا وهذا سبب من أسباب الأزمة بالإضافة الى عجلات الإقليم الذي يشهد ارتفاعا في أسعار المشتقات".
في الوقت ذاته دعا محافظ نينوى الى أن "يتم تزويد المواطنين كافة بغض النظر عما إذا كانوا من نينوى أو من غيرها".
يتداخل المواطن سيف وهو من أصدقاء الطابور بحسب وصف أحمد الحيالي وتبدوا عليه علامات الشحوب والتعب " خلي يسيطرون على التهريب حتى تنحل الأزمة".
ويعزو ناشطون ومهتمون أسباب الأزمة الى قيام محطات تعبئة بتهريب جزء كبير من حصتها الى الإقليم الذي يشهد ارتفاع مطردا في أسعار الوقود بدلا من توزيعها على المواطنين.
هل البطاقة الوقودية حل؟
مع كل أزمة. يتحدث المسؤولون المحليون في نينوى عن البطاقة الالكترونية الوقودية وسحرها في حل الأزمة لكن المواطنين سئموا من إجراءات التسجيل والترويج الروتينية على حد بعضهم.
يقول موظف في النفط "رفض الكشف عن اسمه" واهم جدا من يعتمد العمل بالبطاقة الوقودية ويعتبرها حل لأنها ستلزم المواطن بكمية محددة مهما كانت حاجته ما يشجع ضعاف النفوس في المحطات الى المتاجرة بالبطاقات واستغلال حاجة المواطنين لا سيما المحطات الأهلية البارعة في التحايل وبالتالي شيوع سوق سوداء ومتاجرة للبطاقات بعد زيادة الطلب عليها".
ويتفق المواطن سيف المشهداني مع عدم اعتماد البطاقة الوقودية كحل للأزمة والتغافل عن المسببات الحقيقية واصفا كل الإجراءات "بالترقيعية".
هل الحصة كافية؟
حصة نينوى من مادة البنزين تقترب من 2 مليون لتر باليوم الواحد وما يشاع في الغالب من قبل مسؤولين في الدائرة المعنية أن الحصة غير كافية قياسا بالكثافة السكانية في المحافظة عموما لكن مراقبين يصوبون الاتهام نحو محطات لا تلتزم بتوزيع حصتها بالكامل وتعمد الى تشغيل أقل عدد ممكن من مضخاتها ما يسبب زحاما عند أبوابها وتصل الى الوقت عند نفاد المنتوج الى الوقت الذي تفرضه السلطة المحلية للإغلاق_ الثالثة مساء_. ويتم استثمار ما تبقى من الحصة بطرق غير شرعية.
النائب عن نينوى شيروان الدوبرداني قائلا "يجب الوقوف على أسباب أزمات نينوى المتكررة ومحاسبة المتسببين بهذا الازمة وسنتحرك نيابيا بهذا الشأن".
وفي حساب عدد المركبات في الموصل يتوقع مختصون أن عدد المركبات في نينوى لا يتجاوز المليون مركبة. منها مركبة أحمد الذي لفها بعد أن أقفلت المحطة بابها معلنة نفاد المنتوج بعد انتظار دام لأكثر من ساعة متوجها لسوق سوداء يعبئ خزان سيارته. وبطريقة متخفية بعيدا عن أنظار الشرطة التي تمنع بيع البانزين خارج أسوار المحطة. ببضعة لترات تعين سيارته على الوقوف مجددا يوم غد في الطابور نفسه أو باخر.