رؤى الافندي.. فتاة متعددة المواهب وطاقة نسائية معروفة في قضاء تلعفر بمحافظة نينوى، ذلك المجتمع المحافظ الذي يضع الكثير من القيود على حركة حواء ونشاطاتها، الا أن رؤى كانت أقوى من كل تلك القيود، فلم تتجاوزها فحسب بس ساعدت الآخريات على الخروج من الظل إلى النور.
"ولدتُ عام 1990 لأسرة تركمانية متواضعة في منطقة حسنكوي وسط تلعفر، والتحقتُ بالمدارس الابتدائية حتى انهيتُ تعليمي فيها قبل أن التحق بالمتوسطة والاعدادية" تقول رؤى لـ كركوك ناو.
وتضيف: "فقدتُ والدي وأنا في عمر 13 سنة، فكانت صدمة كبيرة لي، إلى جانب أن والدتي كانت مريضة وتحتاج رعاية مستمرة، ثم ما لبث القدر أن اختار والدتي لتكون ثاني اكبر صدمة في حياتي بعد فراق والدي".
أخصصُ جانباً من يومي لكتابة النصوص الأدبية والخواطر والقصص القصيرة، مع التزامي بادارة المنزل لكوني ربة بيت
وتؤكد أنها تهوى الكتابة منذ نعومة أظافرها، وتعدّها وسيلةً لترجمة ما في داخلها من أحزانٍ وأفراحٍ ومشاعر، حتى "بدأت تعيش مع كل كتابٍ تقرأه، وتجدُ فيه روحاً بل ربما تغرق في حروفه" حسب قولها.
"كان للنزوح تبعات سلبية أخرى على حياتي، حيث كنتُ على اعتاب التخرج، ففاجأتنا الاحداث المأساوية صيف عام 2014 حيث اجتاح تنظيم داعش مدينتنا، وتركنا كل شيء وتهجرنا إلى كركوك حيث قضيتُ فيها عدة سنوات نازحة قبل أن أعود إلى الموصل لالتحق بجامعتها واتخرج منها حاملة شهادة بكالوريوس في الرياضيات من كلية التربية الأساسية" تقولها بمشاعر يمتزج فيها الحزن بالفرح.
وعن يومها المزدحم تقول: "أحاضرُ -مجاناً- منذ خمس سنوات، كما أعمل في روضة أهلية، إلى جانب كوني متطوعة في فرق محلية لاغاثة العوائل المتعففة وتنفيذ نشاطات إنسانية وخدمية طوعية، كما أنني أساهم في تنظيم فعاليات رصيف الكتب، وأخصصُ جانباً من يومي لكتابة النصوص الأدبية والخواطر والقصص القصيرة، مع التزامي بادارة المنزل لكوني ربة بيت".
رؤى، عضو في مؤسسات ثقافية وإنسانية عدة بينها: عزف الفراشات، عضوية وطن، وطن للابداع، الكتابات، أصبوحة 180، مشروع صناعة القرّاء، الوميض للشعر والأدب العربي، مجلة أميرة الكويتية، مجلة أقلام المبدعين، منتدى تلعفر الثقافي، متطوعو شباب تلعفر، مقهى قرطبة الثقافي.
عن طبيعة النصوص الأدبية التي تكتبها تشير إلى أنها "تركزُ على الاحساس الذي تشعر به، والخيال والسرد، وأسعى لربط الخيال بالواقع، حتى أعيشُ النص الذي اكتبه، فخيال الكاتب وقوة تعبيره وأسلوبه ورِقة حروفه والمواضيع التي يكتب عنها تعكس نجاحه من عدمه".
"لا وقت محدد للكتابة عندي، فربما صورة أو حدث أو حتى الهدوء يكون مصدراُ للالهام" تقول رؤى عن طقوس كتابتها.
ولأنها تعيش في مجتمع محافظ، لا يتسع فيه المجال -كثيراً- للمرأة لإظهار نفسها، فهي تعتقد أن "المرأة حاولت التحرر وناضلت لتفرض نفسها وتنغمس في الحياة أسوةً بالرجل، وهي تسعى أن تحيا كإنسان طبيعي تضمن لنفسها حق العمل وابداء الراي والابداع، وتتحدى السيطرة الذكورية والأعراف".
وترى أن كتابات المرأة "تعكس مشاعرها النفسية حيث تمتلك خيالاً خصباً وحساً مرهفاً وعاطفة جياشة، كما أرى أن المرأة قد قاسمت الرجل في الأدب ولا تختلف عنه نثراً أو شعراً فكلاهما يربطان الواقع بالخيال".
صدرت للكاتبة مجموعتين مشتركتين، الأولى بعنوان "الحب في أول الشتاء" عام 2021، والثانية بعنوان "حدث في الوطن العربي" عام 2022، فيما تستعد لاصدار مجموعتها الخاصة قريباً. وهي تكتب باللغة العربية، إلى جانب لغتها الأم "التركمانية".
تديرُ رؤى تجمعاً تحت عنوان "مبدعات تلعفر"، تعمل فيه -مع زميلاتها- يداً بيد للارتقاء بمجالات ابداعهن، وتنظيم مشاركتهن في المهرجانات والمحافل المحلية، إلى جانب مساهمتها في اقناع اهاليهن في تشجيعهن ورعاية مواهبهن.
"طموحي الأكبر أن أترك بصمة واضحة واغرس بذرة مثمرة، وأخذ بيد كل فتاة تحاول الأعراف تجميد طاقاتها وكبح ابداعاتها" هكذا تعبر رؤى عن طموحاتها وتختتم حديثها بدعوة بنات جنسها إلى الأ يسمحن لأحد بقتل همتهن وأن يكنّ مثلما هن وينطلقن رغم الانكسار للقمة.