منذ الثاني من شهر أيار الماضي، خرجت مجموعة من الشبان الايزيديين بقضاء سنجار في تظاهرة لا تزال متواصلة حتى الآن، لتنفيذ أربعة مطالب رئيسية تتعلق بالأوضاع المتأزمة في القضاء.
الحراك الشبابي المستقل الذي يضم أكثر من 50 عضواً يتجمع كل يوم وسط سنجار وناحية سنوني من الساعة الخامسة حتى السادسة مساءاً ويعبرون عن احتجاجهم عن طريق فعاليات متنوعة للمطالبة بمعالجة الوضع في سنجار.
بعد إخراج مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) منها، تمر سنجار بوضع أمني غير مستقر تتخلله مواجهات واشتباكات مسلحة بين القوى والفصائل المتواجدة في المنطقة والتي تحاول فرض هيمنتها على قضاء سنجار.
سعيد شمو، أحد أعضاء تجمع شباب سنجار المستقل، قال لـ(كركوك ناو)، "بعد نشوء التوتر والاشتباكات بين اليبشة والجيش العراقي، قررنا الخروج للشوارع لوضع حد للنزاع والتوتر، بدأنا من مركز قضاء سنجار في 2 أيار، بعدها توجهنا الى ناحية سنوني وتجمعنا هناك على مدار 20 يوماً، نحن الآن نواصل فعاليتنا في كلا المنطقتين منذ 10 أيام".
في البداية كانت المجموعة الشبابية مؤلفة من ذكور فقط، لكنها الآن تشهد مشاركة السيدات أيضاً، "يشارك يومياً 200 الى 250 شخص في التجمع، في بعض الأيام يصل عدد المشاركين الى ألف شخص"، على حد قول شمو.
يضم المشاركون في التجمع تدريسيين، ناشطين مدنيين، موظفين، كسبة وفئات وطبقات أخرى من المجتمع.
"شرطنا الوحيد للمشاركين هو لأن لا تكون عندهم نوايا سياسية وأن يشاركوا في سبيل تحقيق أربعة مطالب".
مطالب المتجمعين الأربعة تتمثل بـ : وضع حد للتوتر والاشتباكات، خروج كافة المجاميع المسلحة من القضاء باستثناء الشرطة المحلية، تنصيب إدارة مستقلة والحصول على تعهد راسخ بتنفيذ مطالبهم.
نشوء هذا التجمع جاء بعد المواجهات التي وقعت بين الجيش العراقي ووحدات مقاومة سنجار (اليبشة)، والتي اسفرت عن مقتل وإصابة عدة أشخاص من الجانبين فضلاً عن نزوح أكثر من 800 عائلة.
يقول سعيد شمو، "لتنفيذ مطالبنا، راجعنا عدة جهات أمنية في المنطقة ومن المقرر أن نزور بغداد للقاء رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية"، وأضاف، "ما يهمنا هو أننا أبلغنا القنصليات والأمم المتحدة والذين بدورهم أعربوا عن دعمهم لتلك الخطوات".
ميرزا خلف، قائد قوات البيشمركة المتمركزة في مزار شرف الدين على جبل سنجار كان من بين القادة الأمنيين الذين التقى به ممثلو التجمع الشبابي، يقول ميرزا "ناقشنا المطالب، ندعم أي مطلب لأهالي سنجار يكون في إطار القانون، نحن أيضاً نؤيد بقاء قوات الشرطة المحلية داخل سنجار وأطراف القضاء وخروج المجاميع المسلحة الأخرى من المنطقة".
تأتي هذه المطالب في ظل وجود أكثر من ثمان مجاميع مسلحة في قضاء سنجار.
وقال ميرزا خلف، "أخبرناهم بأن الحل الأمثل هو تطبيق اتفاق سنجار".
ما طرحة ميرزا خلف هو نفس النقطة التي تشدد عليها الحكومة العراقية باستمرار لمعالجة الوضع في سنجار.
اتفاق سنجار
تنصيب قائممقام جديد وإعادة النظر بالمناصب الادارية الأخرى
تولي الشرطة المحلية، جهاز المخابرات و جهاز الأمن الوطني بالتنسيق مع القوات الأمنية التابعة لحكومة اقليم كوردستان ادارة الملف الأمني للقضاء
تعيين 2500 منتسب أمني يكون 1500 منهم من نازحي سنجار المتواجدين في المخيمات والبقية من سكان سنجار الحاليين.
إخراج القوات الأخرى وعدم منح أي دور لحزب العمال الكوردستاني والقوى المقربة منها.
خوديدا ألياس، مسؤول مجلس الادارة الذاتية في ناحية سنوني، قال لـ(كركوك ناو)، "شارك مناصرونا في التظاهرات التي نظمتها تلك المجموعة لعدة أيام، لكنهم قالوا فيما بعد بأنهم لا يريدون مشاركة أية مجموعة سياسية، فقررنا الانسحاب".
تشكل مجلس الادارة الذاتية من مكونات المنطقة الدينية والقومية المختلفة بهدف إدارة شؤون قضاء سنجار ويعد من الجهات المقربة من حزب العمال الكوردستاني.
حول مطالب التجمع، قال مسؤول مجلس الادارة الذاتية، "إذا انسحبت البيشمركة، الجيش، الحشد الشعبي والمجاميع الأخرى من سنجار، سنخضع ايضاً لذلك المطلب ونسحب قواتنا".
تتكون القوات التابعة لمجلس الادارة الذاتية من اليبشة وقوات آسايش ايزيدخان.
وقال عيدو حيدر، آمر لواء قوات حماية ايزيدخات –التابعة لوزارة البيشمركة، "قبل فترة سحبنا قواتنا من مجمع دوكري التابع لناحية سنوني بناءً على طلب التجمع الشبابي... لكننا لا أتصور أن تتمككن تلك المجموعة من معالجة الوضع بالصورة التي يريدونها عن طريق الضغوط التي يمارسونها حالياً".
قضاء سنجار (120 كم غربي الموصل)، أصبح مركزاً لصراع عشرات المجاميع والقوى السياسية والمسلحة التي تسعى لبسط نفوذها. قضاء سنجار يربط محافظة نينوى بسوريا، وفي الوقت نفسه يربط الحكومة الاتحادية العراقية بحكومة اقليم كوردستان في حدود محافظة دهوك.
غالبية سكان سنجار من المكون الايزيدي، وهي منطقة متنازع عليها تتبع محافظة نينوى إدارياً. هاجم مسلحو تنظيم داعش القضاء في 3 آب 2014 وتمت استعادته في 13 تشرين الثاني 2015.
أثناء توقيع اتفاق سنجار الذي لم تُنفّذ بنوده حتى الآن، رحبت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت بالاتفاق ووصفته بالخطوة المهمة تجاه مساعدة سكان المنطقة وعودة النازحين الى ديارهم.
في نيسان الماضي، أعربت نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون العراق وإيران، جينيفر غافيتو، عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لاتفاق سنجار وشددت على مواصلة العمل مع الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان للتقدم في ذلك الاتجاه، كما أكدت على ضرورة أن وفر الحكومة العراقية المقبلة الفرصة للأقليات والنازحين.
من جانبه، قال ماثيو تولر، سفير الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، في جلسة نقاش مفتوحة نظمت لعدد من المؤسسات الاعلامية يوم الأحد، 15 أيار، في أربيل وحضره مراسل (كركوك ناو)، "بالرغم من أن القائد العام للقوا المسلحة العراقية شدد على تنفيذ بنود اتفاق سنجار، لكن جميع القوات المتواجدة هناك ليست تابعة للمؤسسات الأمنية العراقية، قسم منها تتمثل بالحشد الشعبي أو مجاميع مسلحة أو ميليشيات، لكن يجب أن لا تبقى أية مجموعة مسلحة خارج سلطة الدولة، إذن ستكون هذه قضية رئيسية يجب على الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان العمل عليها من أجل فرض سيطرتها على تلك المجاميع".
لا يمكن التكهن بالمسار الذي ستتخذه الأحداث في سنجار، لكن الناشطة الايزيدية ساميا قاسم ترى بأن من الضروري أن يشارك عدد أكبر من الناس في تظاهرات سنجار وسنوني والإصرار على تنفيذ مطالبهم المتمثلة بعدة نقاط تختلف عن النقاط المذكورة في اتفاق سنجار.
وقالت ساميا، وهي من بين الشبان الـ50 الذين يشرفون على تجمع الشباب الايزيدي المستقل، "التحقت بهذه المجموعة لأنني أدركت بأن مطالبها تصب في مصلحة أهالي سنجار... نريد إيصال رسالة الى العالم بأن النساء قدمن تضحيات كبيرة، مع ذلك لن نستسلم وسنبقى في الشارع الى جانب الرجال".