عصام صالح خضر، 48 عاماً، يبدأ يومه الساعة 3:00 صباحاً، ويتجه من منزله مباشرة إلى محله للفاكهة والخضروات في سوق ناحية الشورة. وهناك يقضي الساعات الثلاث التالية بتفقد أكياس الطماطم والجزر والخيار والباذنجان والبرتقال، وترتيبها على الرف، ويبدأ بتنسيق الطلبات.
في غضون بضع دقائق، يصبح عصام منشغلا أكثر عندما يبدأ الاشخاص الذين ينهضون مبكراً بالقدوم لشراء منتجاتهم الطازجة. مع اقتراب الساعة 6:30 صباحاً، يعود إلى المنزل للاستعداد لوظيفته اليومية بينما يتولى ابنه ادارة المحل. من صاحب العمل، يتحول إلى ضابط شرطة. لمدة ثماني إلى تسع ساعات، يكتب ويملئ التقارير، ويستجيب لمكالمات الناس ومخاوفهم، ويقوم بدوريات في المناطق المخصصة له.
يعود إلى محله الساعة 7:00 مساءً. ويقضي ساعة في التعامل مع المتسوقين بعد غروب الشمس، إضافة الى إجراء الجرد، والاتصال بالموردين، وجدولة عمليات التسليم في اليوم التالي. ثم يغلق المحل ويعود إلى المنزل وينهي يومه بوجبة دسمة مع زوجته وأطفاله التسعة.
كان يوم عصام على هذا النحو لمدة تسع سنوات منذ أن افتتح محله في عام 2013. عندما يكون خارج الخدمة، يقضي يومه بأكمله في المحل. على الرغم من أن ابنه يدير المحل بشكل جيد، إلا أن عصام يبقى ليساعد، وليتأكد من تسليم كل الخضروات والفاكهة في الوقت المحدد وأن كل زبون راضٍ عن مشترياته.
كان محل الخضار/الفاكهة فكرة ابنه. لعدة اشهر، أخذ عصام جزءاً من راتبه وادخره من اجل توفير رأس المال للمحل. كانت الأشهر الستة الأولى قاسية ومتعبة. بالبحث عن موردين إلى إنشاء المحل - كان الأمر صعباً، لكن عصام وابنه كانا متعاونين للغاية وتمكنا من التغلب على المصاعب معاً.
اليوم عصام لديه محلان للخضروات/الفاكهة. ولديه ثلاثة مساعدين في محليه يدفع لهم اجورهم بالمنتجات الطازجة المجانية كل يوم و100000 دينار عراقي (69 دولاراً أمريكياً) كل شهر. لكن عصام لا يزال يتصف بالبساطة والتواضع فهو يحافظ على نفس الروتين، وكذلك السلوك الهادئ واللطيف.
يقول عصام: "أقول دائماً لأولادي والشباب والشابات في قريتي، حققوا أحلامكم واعملوا بجد. افعلوا كل ما في وسعكم للحصول على وظيفة أو بدء عمل تجاري. هنالك عمل للجميع، لكن يجب أن تبذلوا جهداً لتحقيق ذلك."
يوفر محل عصام دخلاً إضافياً لعائلته. كما أنه يساعد في تعزيز اقتصاد الشورة وإعادة جزء من الانتعاش إلى وسط المدينة.
تُرك سوق الشورة في حالة خراب بعد الصراع، حيث تم تدمير حوالي 30 محل بالكامل.
ومن خلال برنامج اعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أعيد بناء هذه المحلات التجارية ونقلها بشكل استراتيجي إلى المدخل الرئيسي للمنطقة، حيث تخدم المجتمعات المحلية التي تعيش في قرى الشورة البالغ عددها 67 قرية إضافةً الى القرى المجاورة.
يقول مدير البلدية محمد الجبوري إن المجمع التجاري الذي تم افتتاحه مؤخراً هو أحد المشاريع المهمة للشورة. تجذب جماليتها ونظافتها وحداثتها الناس إلى التسوق، وتجلب الأموال إلى المنطقة وتوفر سبل العيش والوظائف لمواطنيها.
وأضاف "تقدم المتاجر في المجمع التجاري مجموعة متنوعة من السلع. ويضم المجمع مطاعماً ايضاً. يحب الناس التسوق في الشورة لأن الأسعار أقل ويمكنهم الدفع على أقساط. في المقابل، نحاول إبقاء أصحاب الأعمال سعداء من خلال عقود وإيجارات مناسبة.
ويضيف السيد محمد كذلك: "ارتفع النشاط الاقتصادي في الشورة بنحو 50٪ بسبب هذه المتاجر. كما خلقت وظائف جديدة. إنه جزء لا يتجزأ من إعادة تأهيل المدينة وتنميتها ".
اعتباراً من كانون الثاني 2023، أعاد برنامج إعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تأهيل 1,028 محلاً تجارياً في المحافظات العراقية الأربع المحررة، واستفاد منهم 290,000 شخصاً. وتم دعم هذه المشاريع من قبل حكومة أستراليا وألمانيا وإيطاليا والدنمارك والسويد والعراق وكندا ونيوزيلندا ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة.
في نينوى وحدها حيث يوجد محلات الشورة ومحل عصام، أعيد فتح 819 متجراً. تم تمويل بناء مجمع الشورة التجاري الذي يضم 30 متجراً من قبل حكومة كندا.