حتى نقل الجثامين أصبحت مشكلة تواجه اهل المتوفين في خانقين.. الإسعاف الحكومي تريد 100 الف دينار

ديالى/ ساحة رئيسية في مركز قضاء خانقين   تصوير: أمير خانقيني

ليلى أحمد

حين توفيت شقيقة هيرو أمين، وهي فتاة من أهالي قضاء خانقين، في حزيران 2022 اختناقاً، ونقلوا جثتها الى مستشفى القضاء، رفضوا تسليمهم الجثة وطلب الطبيب تشريحها قبل الدفن لكي يتم التأكد من سبب الوفاة عن طريق تقرير طبي.

إجمالاً، هناك بعض حالات الموت المشبوهة والحساسة التي تجبر الطبيب على طلب إجراء تشريح للجثة، وهذا ما خلق المشاكل لعائلة هيرو.

السبب وراء المشكلة هو أن دائرة الطب العدلي في خانقين أغلقت بقرار من وزارة الصحة العراقية منذ أكثر من عام، لذا يتوجب نقل الجثث التي تحتاج للتشريح الى مدينة بعقوب، مركز محافظة ديالى.

تقول هيرو، "طلبنا نقل جثمان شقيقتي بسيارة اسعاف، لكن إدارة المستشفى قالت هذا ليس شأننا".

بعد مناقشات طويلة، أخبرتهم إدارة المستشفى، بحسب هيرو، "في حال نقلنا الجثمان بسيارة إسعاف يجب عليكم أن تدفعوا لنا 100 ألف دينار أجور نقل".

نطالب الجهات المعنية ببذل جهودها لإعادة فتح دائرة الطب العدلي في خانقين، نحن فقدنا أحباءنا ونعرف ما أهمية فتح هذه الدائرة لأهالي المنطقة

الوضع المالي لعائلة هيرو ليس جيداً لذا قرروا تأجير سيارة خارج المستشفى بـ50 ألف دينار لنقل الجثمان الى بعقوبة.

الطريق بين خانقين وبعقوبة ليس رديئاً بشكل عام، لكن الطريق يتحول الى مسار واحد في بعض المناطق، كما توجد حفر ومطبات تشكلت بسبب مركبات الحمل ويستغرق الوصول من خانقين الى بعقوبة نحو ثلاث ساعات.

"من جهة كنا مفجوعين بسبب وفاة شقيقتنا، ومن جهة أخرى نخشى خطورة الطريق، خصوصاً في الليل.... أحضر والدي وأقاربي سياراتهم وتوجهنا الى بعقوبة... سافرنا بعد الظهر وعدنا الى خانقين في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بعد اكتمال اجراءات التشريح"، وأضافت هيرو، "نظراً لأن الوقت كان متأخراً أجلنا مراسيم الدفن الى اليوم التالي".

ما حدث مع عائلة هيرو، قصة تتكرر كل شهر مع عشرات العوائل الخانقينية المجبرة على نقل جثامين أحبائهم الى بعقوبة لكي تصدر دائرة الطب العدلي تقريرها. هذه العوائل ملزمة بإحضار التقرير الطبي، بخلاف ذلك لن يصدر شهادة الوفاة للشخص المتوفي ولا يستبعد أن يجبروا على نبش قبورهم لإجراء التشريح.

وقالت هيرو أمين، "نطالب الجهات المعنية ببذل جهودها لإعادة فتح دائرة الطب العدلي في خانقين، نحن فقدنا أحباءنا ونعرف ما أهمية فتح هذه الدائرة لأهالي المنطقة".

حسب مسؤولي دائرة صحة خانقين، أغلقت دوائر الطب العدلي في عموم محافظة ديالى باستثناء بعقوبة.

لدينا عدد من سيارات الاسعاف، لكن الوزارة أعطتها لنا لنستخدمها فقط لنقل الجرحى والحالات الطارئة

دائرة الطب العدلي في خانقين كان يشرف عليها طبيبان وأربعة منتسبين.

الدكتور شوان شاكر، مدير مستشفى خانقين العام قال "عدم وجود قسم الطب العدلي سبب لنا مشاكل جمة، خنقين بعيدة نسبياً مقارنة بأقضية ونواحي ديالى الأخرى، لذا فإن إعادة فتح دائة الطب العدلي فيها ضروري لأهالي خانقين".

وقال، "هناك العديد من حالات الوفاة التي لا نستطيع فيها إصدار شهادة الوفاة، لأنها تتطلب إجراء عملية التشريح، لذا نضطر لإرسال جثمان المتوفي الى بعقوبة.."، واضاف، "ذوو المتوفي مفجوعون من جهة، ومن جهة أخرى يضطرون لتحمل تكاليف نقل الجثمان رغم تردي حالتهم الاقتصادية، هذا الأمر يدخلنا أحياناً في مشاكل".

حول سبب إغلاق دائرة الطب العدلي في خانقين، قال شوان شاكر "الوزارة قالت بأنها تكلف ميزانية الوزارة، بالأخص رواتب الأطباء والمنتسبين، لذا قرروا الإبقاء على دائرة واحدة في بعقوبة".

قضاء خانقين من المناطق المتنازع عليها بموجب الدستور العراقي، ويقع ضمن محافظة ديالى بالقرب من الحدود الايرانية، ويبعد 115 كيلومتر عن بعقوبة.

عدم قدرتهم على تحمل تكاليف النقل وتأجير السيار والتابوت ورداءة وبعد الطريق الى بعقوبة

وقال مدير مستشفى خانقين، "لدينا عدد من سيارات الاسعاف، لكن الوزارة أعطتها لنا لنستخدمها فقط لنقل الجرحى والحالات الطارئة، لذا لا نستطيع نقل الموتى بها، يجب أن يتولى ذوو المتوفي مسؤولية النقل".

حول سبب طلبهم المال من ذوي الشخص المتوفي نظير نقل الجثمان، قال "لا يوجد شيء كهذا، فقط أخبرناهم بأن بإمكانهم تأجير سيارة، لأننا لا نستطيع نقل الجثامين، هذا قرار الوزارة".

وتطرق شوان شاكر الى مشكلة أخرى تواجههم بسبب إغلاق دائرة الطب العدلي، قائلاً "في بعض الأوقات، حين نطلب من ذوي المتوفي نقل الجثمان الى بعقوبة يغضبون ويحطمون أجهزة ومعدات المستشفى، كل هذا يحدث بسبب عدم وجود دائرة الطب العدلي".

الناشط في قطاع الصحة بخانقين، سرور علي، قال بأنه تابع الأوضاع والمشاكل التي تواجه المواطنين بسبب افتقار القضاء لدائرة الطب العدلي، "أبرزها عدم قدرتهم على تحمل تكاليف النقل وتأجير السيار والتابوت ورداءة وبعد الطريق الى بعقوبة... فضلاً عن مشاكل أخرى يعاني منها المستشفى".

واشار الى أن "عدد سيارات الاسعاف في خانقين قليل جداً، طلبنا من الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان توفير مستلزمات القطاع الصحي في خانقين، ورغم أن جهودنا لم تأت بنتيجة لكننا سنواصل العمل بهدف الوصول الى حلول".

 

ملاحظة: (هيرو أمين) اسم مستعار 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT