اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية كلاً من الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان بتقييد حرية التعبير والفضاء المدني وممارسة العنف والتهديد بالقتل ضد الصحفيين، الى جانب الاعتقالات والمحاكمات غير المبررة ووضع الرقابة والقيود على حرية استخدام الانترنت.
التهم جاءت في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الخاص بحقوق الانسان في العراق لعام 2023، حيث ذكر التقرير في الجزء الخاص بحرية التعبير والعمل الصحفي انه " لم يكن بمقدور الأفراد انتقاد الحكومة علناً أو سراً دون خوف من الانتقام. ضايقت الميليشيات شبه العسكرية الناشطين والحركات السياسية الإصلاحية الجديدة عبر الإنترنت وبشكل شخصي، بما في ذلك من خلال التضليل عبر الإنترنت، وهجمات الروبوتات، والتهديدات أو استخدام العنف الجسدي لإسكاتهم ووقف أنشطتهم".
وجاء أيضاً في التقرير ان منظمات المجتمع المدني أبلغت عن مستوى غير مسبوق من المضايقات القانونية، وذلك أساسًا من خلال الاتهامات الكاذبة بالنشاط الإجرامي والعقوبات الغامضة على "المعارضة" أو "التشهير" في أعقاب التعليقات العامة والانتقادات الموجهة إلى الجهات الحكومية. يشار إليها أحيانًا باسم الدعاوى القضائية الخبيثة أو الاحتيالية أو المزعجة، وتميل هذه الإجراءات القانونية إلى الاستشهاد بمواد قانونية غامضة والاعتماد على تفسيرات قانونية واسعة للغاية. العديد من قضايا الدعاوى الكيدية لم تصل إلى المجال العام بسبب خوف الضحايا من الانتقام أو المزيد من الأذى.
وأشار التقرير الى أن الحكومة " استهدفت الحكومة بشكل متزايد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. وضعت وزارة الداخلية قواعد جديدة لوسائل التواصل الاجتماعي في كانون الثاني، حيث أطلقت منصة تسمح للأفراد بالتنديد أو الإبلاغ عن أي محتوى يخالف الآداب العامة، ويحتوي على رسائل سلبية وبذيئة، ويزعزع الاستقرار الاجتماعي.
ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، قامت السلطات في الفترة من كانون الثاني إلى حزيران بمقاضاة ما لا يقل عن 20 شخصاً فيما يتعلق بالممارسة السلمية لحرية التعبير.
وذكر تقرير الخارجية الأمريكية أن قوات الأمن ، ومعظمها تابعة لوزارة الداخلية، أو داخل جهاز الأمن الوطني، أو من قوات الحشد الشعبي، بالإضافة إلى قوات حكومة إقليم كردستان (الآسايش في المقام الأول)، قامت باعتقال واحتجاز المتظاهرين والناشطين المنتقدين للحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، على التوالي، وفقا لـ تصريحات المسؤولين الحكوميين وممثلي المنظمات غير الحكومية والتقارير الصحفية.
في 13 شباط، ذكر المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن السلطات اعتقلت مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بشكل تعسفي لنشرهم "محتوى منخفض الجودة". وبحسب ما ورد تعاملت السلطات مع هؤلاء المعتقلين كما لو كانوا متورطين في أعمال "إرهابية" ألحقت أضراراً بالمؤسسات العامة أو أدت إلى خسارة الأموال العامة.
فيما يخص اقليم كوردستان، تقول وزارة الخارجية الأمريكية أن " الأحزاب السياسية في إقليم كردستان العراق، أي الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، أعطت الأولوية للوصول إلى المنافذ التي يملكونها أو يسيطرون عليها هم أو أعضاؤهم... فيما اشارت المؤسسات الاعلامية التي لا تحظى بدعم سياسي ومالي في اقليم كوردستان الى صعوبة الوصول الى المعلومات أو مواقع التغطية الاعلامية".
وفقاً للتقرير، استمرت المضايقات ضد الصحفيين في عموم العراق، من ضمنها التهديد بالقتل، الترهيب والاعتداءات من قبل الميليشيات أو قوات الأمن.
وسجلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة 345 حالة انتهاك للصحفيين في جميع أنحاء البلاد حتى نهاية شهر أيار، معظمها كانت في بغداد وأربيل.
"في بعض الأحيان، منعت القوات الحكومية الصحفيين من التغطية لأسباب أمنية. وأفادت بعض المؤسسات الإعلامية عن اعتقالات ومضايقات للصحفيين، فضلاً عن الجهود الحكومية لمنعهم من تغطية مواضيع حساسة سياسياً، بما في ذلك المسائل الأمنية والفساد وفشل الحكومة في تقديم الخدمات الكافية".
في بعض الأحيان، منعت القوات الحكومية الصحفيين من التغطية لأسباب أمنية
منظمة مراسلون بلا حدود أحصت ما يقرب من 20 حالة اعتقال للصحفيين في إقليم كردستان العراق خلال العام.
"توجد رقابة أو تقييد للمحتوى على أعضاء الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، بما في ذلك وسائل الإعلام عبر الإنترنت ..."، على سبيل المثال، "يحظر القانون إنتاج أو استيراد أو نشر أو حيازة مواد مكتوبة أو رسومات أو صور فوتوغرافية أو أفلام تنتهك النزاهة العامة أو الآداب العامة"، وشملت العقوبات الغرامة والسجن، بحسب التقرير.
وأدى "الخوف من الانتقام العنيف" بسبب نشر حقائق أو آراء تنتقد الفصائل السياسية إلى "إعاقة حرية التعبير".
ونوّه التقرير الى أن بعض محاكم حكومة إقليم كردستان طبقت القانون الجنائي العراقي الأكثر صرامة في الدعاوى القضائية المتعلقة بالصحفيين بدلا من قانون حكومة إقليم كردستان المحلي، "الذي يوفر حماية أكبر لحرية التعبير ويحظر احتجاز الصحفيين".
واتهم التقرير حكومة اقليم كوردستان مجدداً "بعدم تطبيق قانون حرية المعلومات الذي تم إقراره أصلا في عام 2013". وادعى الصحفيون والمدافعون عن حرية الصحافة أن "القضاء لم يكن محايدا في قضايا حرية الصحافة أو في الدعاوى القضائية المرفوعة ضد حكومة إقليم كردستان بسبب الفشل في توفير المعلومات".
ونشر التقرير أن الأحزاب السياسية أثرت بقوة أو سيطرت بشكل مباشر على معظم المطبوعات اليومية والأسبوعية التي يبلغ عددها عدة مئات، بالإضافة إلى العشرات من محطات الإذاعة والتلفزيون، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
" كثيرا ما هددت الميليشيات شبه العسكرية في قوات الحشد الشعبي أفراد المجتمعات السنية والأقليات بتهم الإرهاب لإسكات معارضتهم، خاصة في المناطق التي استولت فيها الميليشيات على الأراضي المحلية والأنشطة الاقتصادية ومنعت عودة النازحين السنة".
وتأتي هذه الانتهاكات والعراقيل التي تحدث عنها تقرير الخارجية الأمريكية في الوقت الذي ضمن فيه الدستور العراقي حرية التعبير وحرية العمل الصحفي، شريطة عدم انتهاك النظم والآداب العامة وتجنب دعم حزب البعث المحظور.