بات بإمكان موظفو الدولة العودة الى منازلهم قبل ساعتين من الموعد السابق لانتهاء الدوام الرسمي وذلك بعد أن وجه رئيس الوزراء العراقي بتقليص ساعات الدوام بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لكن القرار لا يشمل مئات الآلاف من العمال الذين يضطرون للعمل في هذه الظروف الجوية المرهقة.
إجمالاً يعمل العمال في العراق ثمان ساعات في اليوم، بعضهم يؤدون عملهم في قطاعات مكشوفة ويتعرضون لأشعة الشمس المباشرة، دون أن توفر اهم أماكن للاستراحة أو أجهزة تكييف.
درجات الحرارة وصلت الاسبوع الحالي الى نصف درجة الغليان للمرة الأولى خلال هذا العام، لذلك أصدر رئيس الوزراء العراقي في 22 حزيران عدة قرارات تهدف للحفاظ على سلامة الموظفين الحكوميين والمواطنين من تأثيرات موجة الحر.
وفقاً لقرارات مجلس الوزراء، يكون وقت بدء الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية كافة في الساعة السابعة صباحًا وانتهاء الدوام في الساعة الواحدة ظهرًا (سابقاً كان الدوام يبدأ من الثامنة صباحاً لغاية الثالثة بعد الظهر).
أصحاب العمل لا يقدمون لنا أي تسهيلات، لا يراعون الحرارة الشديدة في فصل الصيف، يريدون منا العمل في كل الظروف
العم صالح، في السبعينات من العمر، كان بانتظار الحصول على عمل في سوق أحمد اغا وسط كركوك، يقول بأنه إذا حصل على عمل سيكون عليه التواجد حتى الساعة الرابعة عصراً، وغالباً ما سيكون عمله تحت أشعة الشمس الحارقة.
العم صالح قلل من أهمية قرار الحكومة وقال "ما شأني به؟ حتى انني لم أسمع بالقرار"، واضاف "يتوجب علي العمل حتى المساء، قرار الحكومة ليس للعمال".
قرار رئاسة الوزراء استند الى تنبؤات هيئة الأنواء الجوية العراقية التي توقعت موجة حر شديدة خلال الاسبوع الحالي.
بموجب قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، لا تزيد ساعات العمل اليومية في القطاعين الخاص والمختلط عن 8 ساعات في اليوم و 48 ساعة في الاسبوع مع مراعاة الظروف الجوية.
في ميدان العمال بكركوك، تحدث عدد من العمال الشباب عن معاناتهم بسبب قلة فرص العمل، واشاروا الى أنهم يحصلون على العمل يومين فقط في الاسبوع بأجور لا تتجاوز 50 ألف دينار.
معظم العمال المتواجدين في الميدان كانوا يرتدون قبعة أو يضعون كمامة من القماش على وجوههم لحماية أنفسهم من الحر، في حين اقتربت درجة الحرارة في كركوك من 50 درجة مئوية.
"أصحاب العمل لا يقدمون لنا أي تسهيلات، لا يراعون الحرارة الشديدة في فصل الصيف، يريدون منا العمل في كل الظروف ولا يعاملوننا كبشر"، هذا ما قاله أحد الشبان في سوق أحمد آغا بينما كان ينتظر الحصول على عمل.
وزارة الصحة العراقية أصدرت مطلع الاسبوع الحالي جملة تعليمات للمواطنين للوقاية من أشعة الشمس، بالأخص أثناء ارتفاع درجات الحرارة بين الساعة العاشرة صباحاً و الرابعة عصراً، حفاظاً على سلامتهم.
لكن عمال ميدان أحمد آغا شددوا على أنهم لا يستطيعون الالتزام بهذه التعليمات لأننا مضطرون للعمل "هذا إذا حصلنا عليه اصلاً".
في 12 حزيران، دعت منظمة العمل الدولية الحكومة العراقية، المنظمات العمالية وأرباب العمل إلى اتخاذ خطوات فعّالة لتحديد ساعات العمل وتنظيم حملات توعية حول الإجهاد الحراري، بهدف التخفيف من تأثير الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.
وشددت المنظمة على أهمية تحديث الإطار القانوني المتعلق بالسلامة والصحة المهنية، وتطوير الإجراءات اللازمة لحماية العمال من ارتفاع درجات الحرارة الشديد خلال فصل الصيف.
المشكلة التي تواجه نقابات العمال هو أن غالبية العمال لا يلتحقون بعضوية هذه النقابات لكي يطالبوا عن طريقها بحقوقهم القانونية.
رزكار بابان، نائب رئيس فرع كركوك لاتحاد نقابات العمال، قال لـ(كركوك ناو)، "نشجع أصحاب الأعمال على تعديل أوقات العمل بحيث تتناسب مع الظروف الجوية ودرجات الحرارة.... نحثهم على تنظيم دورات توعية للعمال بالأخص تلك المتعلقة بسبل الوقاية من الحر وطرق علاج الاجهاد الحراري".
وأضاف، "نطلب منهم أيضاً تحديد ساعات بقاء العامل تحت اشعة الشمس وتوفير أماكن استراحة وأجهزة تكييف مناسبة لهم".