حيدر مراد يقف 7 ساعات مرتين بالأسبوع في طابور طويل بانتظار استكمال معاملات العودة الى الديار بعد سنوات من النزوح.
دائرة الهجرة والمهجرين العراقية توقفت عن توزيع المنح المالية للراغبين بالعودة بسبب عدم قدرتها على استيعاب أعدادهم الكبيرة، وتبحث الآن عن حل بديل.
حيدر مراد نزح من سنجار الى اقليم كوردستان منذ سنوات ويرى بأن الوقت قد حان ليعود الى دياره، وقال حيدر لـ(كركوك ناو)، "ذهبت الى دائرة الهرة مرتين منذ الصباح الباكر لكنني لم أستطع الحصول على الكتاب الخاص بإغلاق ملفي كنازح رغم انني انتظرت 6 الى 7 ساعات تحت اشعة الشمس الحارقة".
دائرة الهجرة في دهوك أكملت معاملات 637 عائلة نازحة في يوم واحد، بحسب بيان نشرته وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في 9 تموز الجاري، قبل يوم من ايقاف الدائرة عملها.
أسكندر محمد أمين، مدير دائرة الهجرة والمهجرين فرع دهوك قال لـ(كركوك ناو)، "منذ 10 تموز توقفت الدائرة عن تسجيل اسماء الراغبين بالعودة، القرار مؤقت وسببه نشوء الازدحام وتصاعد الاحتجاجات"، وأوضح بأن لجنة خاصة ستشكل بالتنسيق مع حكومة اقليم كوردستان لاتخاذ إجراءات جديدة بهدف تسهيل عودة النازحين".
يتواجد في اقليم كوردستان أكثر من 600 ألف نازح، يتوزع قسم منهم على 26 مخيماً، 16 منها في دهوك تعيش فيها 26 ألف عائلة، معظمهم من أهالي نينوى بالأخص من المكون الايزيدي من قضاء سنجار، وفقاً لإحصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لحكومة اقليم كوردستان.
إجراءات غلق ملف النزوح كثيرة ويجب عليهم (دائرة الهجرة) مساعدة النازحين"، بحسب حيدر مراد.
وزارة الهجرة والمهجرين العراقية رفعت سقف المنح المالية التي تقدم للنازحين الراغبين بالعودة من مليون و500 ألف دينار الى أربعة ملايين دينار، فضلاً عن توزيع المستلزمات المنزلية وبعض الامتيازات الأخرى كالتعيينات ورواتب الرعاية الاجتماعية، بهدف تشجيع النازحين على العودة وإغلاق المخيمات.
نور سليمان، نازحة ايزيدية تقيم في مخيم باجيد كندالا بقضاء زاخو منذ 10 سنوات، لم تباشر بمعاملات العودة، "علمنا بأن هناك ازدحاماً كبيراً على دائرة الهجرة، لكن ليس هذا السبب الوحيد، لا نريد العودة الآن لأن منزلنا في مجمع سيبا شيخ خدر مدمر ولا يصلح للسكن".
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو)، يعزف قسم من النازحين عن العودة بحجة انعدام الاستقرار الأمني وقلة الخدمات وفرص العمل، ويتزامن ذلك مع تكثيف الحكومة العراقية مساعيها لإغلاق كافة المخيمات في اقليم كوردستان بنهاية تموز 2024، بالاستناد الى قرار مجلس الوزراء العراقي.
وزارة الهجرة والمهجرين اشارت في أكثر من بيان الى وجود معوقات أمام عودة النازحين، وألقت اللوم في ذلك على حكومة اقليم كوردستان واتهمتها بمنع فرق وزارة الهجرة من دخول مخيمات النازحين لإكمال معاملات العودة.
مدير دائرة الهجرة في دهوك قال، إن "وزارة الهجرة خاطبت وزارة الداخلية من أجل السماح لفرقنا بدخول المخيمات لاستكمال معاملات العودة، بذلك سيخف الازدحام أمام دائرة الهجرة"، وبين أسكندر محمد أمين أن اكمال معاملة واحدة يستغرق 15 دقيقة على الأقل.
كافة مخيمات النازحين في العراق تم إغلاقها، باستثناء مخيمات دهوك وأربيل. في 11 تموز الجاري اغلقت وزارة الهجرة العراقية أربعة مخيمات للنازحين في محافظة السليمانية، آخرها كان مخيم آشتي في عربت.
بير ديان جعفر، مدير دائرة الهجرة والمهجرين والاستجابة للأزمات التابعة لحكومة اقليم كوردستان في دهوك قال لـ(كركوك ناو)، "إطلاقاً لم نمنع أياً من فرق وزارة الهجرة من أداء مهامها داخل المخيمات، على العكس كنا متعاونين معهم"، واشار الى أن دائرته تمنح لكل عائلة نازحة الكتاب الرسمي لإدارة المخيم من أجل استكمال معاملاتها.
يعاني النازحون في اقليم كوردستان من العديد من المشاكل، من ضمنها غياب المساعدات المالية وشح مياه الشرب وغيرها من الخدمات الأساسية بعد انتهاء عمل معظم المنظمات الدولية في المخيمات.
"سيتم تشكيل لجنة بين بغداد واقليم كوردستان لحل مشكلة الازدحام والمشاكل التي تعيق اكمال معاملات العودة، لكن لم يعقد أي اجتماع حتى الآن ولا نعرف ماذا ستكون الاجراءات"، بحسب بير ديان جعفر.
حكومة اقليم كوردستان شددت مراراً على أنها ليست مع إغلاق المخيمات وتريد أن يعود النازحون "بشكل طوعي وبعد إعمار مناطقهم وعودة الاستقرار أليها"، في المقابل لجأت وزارة الهجرة العراقية الى المحكمة الاتحادية لتنفيذ قرار إغلاق المخيمات من قبل حكومة الاقليم وتم تحديد يوم 11 آب المقبل موعداً للبت في القضية.
فيصل خلف، يسعى للعودة بعد قضائه 10 سنوات في النزوح، لكن اسمه غير مسجل من قبل وزارة الهجرة ويخشى أن يحرم من المنحة المالية، "راجعت دائرة الهجرة ثلاث مرات، أخبروني بأن اسمي غير موجود في سجلات الوزارة لذا لا يمكنني الحصول على المنحة المالية".
أكثر من ألف عائلة اشتكت منذ مطلع العام الحالي من عدم ورود أسمائها في سجلات الوزارة، لكن اسكندر محمد أمين أكد بأن دائرته ستعمل على معالجة المشكلة لكي تستفيد جميع العائلات من المنحة.
خلال شهرين فقط، اكملت أكثر من 5 آلاف عائلة نازحة معاملات العودة وحصل حتى الآن أكثر من نصفها على المنحة البالغة أربعة ملايين دينار.
ستة ملايين مواطن عراقي نزحوا من مناطقهم بسبب حرب داعش والعمليات العسكرية للقوات العراقية في الفترة من 2014 الى 2017، وحسب إحصائيات المنظمة العالمية للهجرة لا يزال أكثر من مليون مواطن يعيشون في النزوح، بضمنهم النازحين المقيمين داخل مخيمات اقليم كوردستان.