مئات الأسر النازحة من المكون الايزيدي بدأت بمغادرة المخيمات في اقليم كوردستان الى سنجار "خوفاً من تداعيات ما قاله قاسم ششو"، والجدل الكبير الذي اشتعل بين المسلمين والايزيديين.
حسب متابعات مراسل (كركوك ناو)، منذ ليلة أمس حتى ظهر اليوم، الجمعة 9 آب، غادرت مئات العوائل الايزيدية دون سابق إنذار ودون استكمال المعاملات الرسمية مخيمات شاريا، جممشكو، خانكي، باجيد كندالا، بيرسيف وباعدري ضمن حدود محافظة دهوك صوب مناطقهم، بالأخص الى قضاء سنجار.
"عائلتنا هي الوحيدة التي بقيت في الزقاق الذي نعيش فيه داخل المخيم، جميعهم غادروا منذ أمس، 500 عائلة غادرت هذا المخيم نحو سنجار، خوفاً من التوتر الحاصل"، حسبما خلف خدر، المقيم في مخيم جممشكو لـ(كركوك ناو).
مخيم جممشكو أنشا منذ 10 سنوات، ويأوي أكثر من اربعة آلاف عائلة ايزيدية، بحسب احصائيات حكومة اقليم كوردستان، يوجد أكثر من 20 مخيماً آخر في اقليم كوردستان يعيش فيها آلاف العوائل النازحة، يشكل الايزيديون 30 بالمائة منهم.
يقول خلف بأنه رغم تطمينات القائمين على المخيم، "لكن الناس يخافون ويشعرون بالقلق لذا يعودون، الاسر التي غادرت اصطحبت معها احتياجاتها الرئيسية فقط". مراسل (كركوك ناو) تحدث مع عدد من النازحين في عدة مخيمات جميعهم أكدوا أنباء مغادرة الايزيديين للمخيمات.
ويأتي ذلك بعد موجة الجدل وخطاب الكراهية التي اثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ ايام، وصلت حد التهديد بين عدد من أتباع الدين الاسلامي والايزيديين وفقاً لمتابعات (كركوك ناو)، وذلك بعد أن قال قائد قوات البيشمركة في سنجار، قاسم ششو، في كلمة القاها بمزار شرف الدين، "الهجمات على الايزيديين ستستمر ما دام محمد ودينه باقياً".
على خلفية تصريحات ششو سجلت دعاوى قضائية بالجملة ضده، كما اصدرت محكمة تحقيق نينوى يوم الخميس، 8 آب، مذكرة قبض بحق ششو بتهمة الإساءة الى الرسول وإثارة الاقتتال بين الأديان، استناداً الى المادة 195 من قانون العقوبات العراقي.
وتنص المادة 195 على أنه " يعاقب بالسجن المؤبد من استهدف اثارة حرب اهلية او اقتتال طائفي وذالك بتسليح المواطنين او بحملهم على التسلح بعضهم ضد البعض الأخر او بالحث على الاقتتال. وتكون العقوبة الإعدام اذا تحقق ما استهدفه الجاني".
وزارة الهجرة والمهجرين العراقية وجهت في بيان صدر يوم الجمعة 9 آب، باستنفار كوادر وموظفي الوزارة في مختلف المحافظات والتوجه إلى قضاء سنجار لاستقبال وتسجيل العوائل الايزيدية التي غادرت مخيمات دهوك مؤخراً، دون الإشارة الى سبب عودتهم المفاجئة.
يتوجب على كل عائلة ترغب بالعودة استكمال معاملات العودة للحصول على المنحة المالية البالغة أربعة ملايين دينار وبعض التجهيزات المنزلية التي توفرها لهم الحكومة العراقية.
فليطمئن النازحون بأنه لا أحد يستطيع إيذاءهم
"الوضع خطير بالنسبة للايزيديين، بالأخص النازحين المقيمين في المخيمات، يشعرون بالقلق خوفاً من تعرضهم لهجمات الجماعات المتطرفة وخروج الأوضاع عن السيطرة"، بحسب بيان للمجتمع الايزيدي تلي اليوم، الجمعة أمام مزار شرف الدين بحضور المئات.
في بيان التجمع أمام المزار الواقع في سنجار –تتم حمايته من قبل القوات التابعة لقاسم ششو- حملت الحكومة العراقية، حكومة الاقليم والمجتمع الدولي مسؤولية حماية المواطنين الايزيديين.
بير علو كجل، مدير مخيم خانكي، قال لـ(كركوك ناو) إن "عدداً من الايزيديين المقيمين في مخيمنا توجهوا للمشاركة في التجمع أمام مزار شرف الدين ولم يعودوا بصورة نهائية"، لأنه وبحسب بير علو، "لا يوجد خطر أو ضغوط على النازحين".
"فليطمئن النازحون بأنه لا أحد يستطيع إيذاءهم"، على حد قول بير علو.
وجاء في بيان المجتمع الايزيدي بأن الوضع المستجد سببه "كلمة غير مقصودة فسرت بشكل خاطئ"، في المقابل انطلقت حملة خطاب كراهية "وتشجيع على قتل الايزيديين"، بالأخص على مواقع التواصل الاجتماعي، وشدد البيان على "رفض واستنكار أي إساءة لكافة الأديان والمذاهب والمعتقدات واحترام كافة المقدسات".
وأدان البيان "خطاب الكراهية والحملة الاعلامية التي يشنها المتطرفون ضد الايزيديين"، ورحب بالمساعي الرامية الى تهدئة الأوضاع من قبل المراجع العليا للشيعة واتحاد علماء الدين وأي جهة أخرى.
علي الياس، بابا شيخ الايزيدية في العراق والعالم، والذي يعتبر أعلى مرتبة دينية عند المكون الايزيدي طمأن المسلمين بأن ما قاله ششو "لم يكن مقصوداً"، وشدد على أن "الديانة الايزيدية تحترم مقدسات الأديان الأخرى"، جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع وزير الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة اقليم كوردستان واتحاد علماء الدين الاسلامي، يوم الخميس، 8 آب، في أربيل.
وكان ششو قد نشر توضيحاً جاء فيه، "لم يكن في تصريحي أي اساءة لنبي الاسلام، لأن الديانة الايزيدية تحرم الإساءة للأنبياء والأولياء والصالحين من كل الأديان والمذاهب والمعتقدات".
كما قال في تصريح لـ(كركوك ناو) قبل صدور مذكرة القبض بحقه، "بعض الأشخاص، بالأخص من الكورد، قاموا بتحوير كلامي، كنت أقصد الجماعات المتطرفة فقط".
كلمة قاسم ششو التي أثارت الجدل ألقاها في الذكرى العاشرة لهجوم داعش على سنجار (120 كم غرب الموصل)، والذي أسفر عن اختطاف ستة آلاف و417 ايزيدي من ضمنهم نساء وأطفال. كما قتل في الهجوم ألف و293 ايزيدي وتم تدمير 68 مزاراً دينياً، وحتى الآن عثر على أكثر من 80 مقبرة جماعية للضحايا الايزيديين.