تقف الحكومة المحلية في صلاح الدين مكتوفة الأيدي إزاء إيجاد حلول للنزاعات بين المزارعين الكورد والعرب في عدة قرى بقضاء طوزخورماتو والتي دخلت في مرحلة التوتر والصدامات.
تعود جذور المشكلة لأربعة عقود أو أكثر، حين صُدرت آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية من المزارعين الكورد والتركمان في عدة محافظات عراقية بموجب قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل خلال فترة حكم نظام البعث، وتم توزيعها على المزارعين العرب بموجب عقود.
فرهاد حميد، مزارع في قرية تبة سوز بقضاء طوزخورماتو قال لـ(كركوك ناو)، "أملك 600 دونم من الأراضي الزراعية، ملكيتها تعود لآبائي وأجدادي، لكن المزارعين العرب داهمونا ويريدون اخذها منا".
بعد سقوط نظام البعث برئاسة صدام حسين في 2003، عاد فرهاد الى أرضه الزراعية اسوةً بآلاف المزارعين الذين تمكنوا من استعادة أراضيهم في كركوك، سهل نينوى وديالى.
بعد مرور 15 عاماً على استخدام أراضيه للزراعة، تعرض فرهاد ومئات غيره للمشاكل مجدداً وذلك بعد أن أعادت القوات التابعة للحكومة الاتحادية في 2017 فرض سيطرتها على المناطق المتنازع عليها وأجبرت قوات البيشمركة على الانسحاب منها.
"منذ ذلك الحين، يستمر المزارعون العرب في مداهمتنا والمطالبة بالأراضي، يقولون بأن لديهم عقود زراعية"، وأضاف فرهاد، "حدثت بيننا صدامات في أكثر من مناسبة ويقومون بتهديدنا".
تفاقمت الصدامات الشهر الماضي وتدخلت الشرطة لفض النزاعات، وتم تغريم أحد اشقاء فرهاد من قبل المحكمة بمبلغ مليون وخمسمائة ألف دينار بناءً على شكوى المزارعين العرب.
أحمد مريف، مدير زراعة صلاح الدين قال "نحن لا نستطيع حل نزاعات ملكية الأراضي بين الكورد والعرب، هذه قضية سياسية وقانونية، لا نستطيع اتخاذ أية خطوة دون العودة الى الجهات العليا"، وتابع قائلاً، "وأي قرار يصدر سنكون كجهة تنفيذية ملزمين بتنفيذه، القانون فقط يستطيع حسم هذا الأمر".
يعاني ما لا يقل عن 40 مزارع في قرية "تبة سوز" من مشاكل تتعلق بملكية الأراضي، فضلاً عن مئات القرى الأخرى في المحافظات التي تقع ضمنها مناطق متنازع عليها.
هذه الأراضي سلبت من المزارعين الكورد والتركمان بقرار مجلس قيادة الثورة ووزعت بموجب عقود على المزارعين العرب، لذا فإن إلغاؤها يتطلب صدور قانون وليس بقرار من الحكومة أو باتفاق سياسي، وفقاً لأعضاء في مجلس النواب العراقي.
تم تغييرها بحيث يؤدي تنفيذه الى إعادة أكبر مساحة من الأراضي للمزارعين الكورد والتركمان ضمن حدود المناطق المشمولة بالمادة 140
يوجد حالياً مشروع قانون أمام البرلمان العراقي يخص إعادة الأراضي المستولى عليها الى أصحابها الأصليين، لكن الخلافات الحادة بين الكورد والعرب السنة تعطل إقرار مشروع القانون.
في 29 تشرين الأول الماضي حدثت مشادات بين عدد من النواب الكورد والعرب السنة داخل مجلس النواب تأجل بسببها التصويت على مشروع القانون مجدداً.
عضو اللجنة القانونية النيابية، دارا سيكانياني، شدد في حينه على أن السنة مصرين على عدم إقرار المشروع بالكيفية التي أرسلت من قبل الحكومة.
يتضمن المشروع إلغاء ثمانية قرارات لكن تم إجراء تغييرات فيه داخل مجلس النواب وأضيف بموجبها إلغاء ما لا يقل عن ثمانية قرارات أخرى.
يقول سيكانياني إن البرلمان من حقه إجراء تغييرات على مشروع القانون، "تم تغييرها بحيث يؤدي تنفيذه الى إعادة أكبر مساحة من الأراضي للمزارعين الكورد والتركمان ضمن حدود المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي، من بينها القرارات المتعلقة بالمناطق الواقعة في ديالى، سهل نينوى وصلاح الدين الى جانب محافظة كركوك".
ويقول المزارع فرهاد حميد، "لجأنا للعديد دون أن يتمكن اي منهم من حل مشكلتنا".
الشيخ غالب، رئيس قبيلة الصالحي والساكن في قرية تبة سوز قال، إن "المزارعون العرب لا ينظرون إلينا بودّ، نعيش يومياً في خطر ويهددون استقرارنا"، وأضاف، "إقرار مشروع القانون الخاص بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة هو الحل الوحيد لإنقاذنا من هذه المشكلة".
في المقابل يتعامل المزارعون العرب مع القضية مستندين الى قرارات مجلس قيادة الثورة والعقود التي بحوزتهم.
العام الماضي، عقد عدد من المزارعين العرب مؤتمراً صحفياً في كركوك حول قضية نزاعات ملكية الأراضي. أحمد غزال، أحد شيوخ قبيلة الشمر قال لـ(كركوك ناو)، "لدينا وثائق رسمية صادرة من المحكمة والجهات المعنية الأخرى، هذه الأراضي ملك لنا، لكن العوائل الكوردية في تلك القرى ليس بحوزتهم أية وثائق".
(كركوك ناو) لم يتمكن من الحصول على تصريحات من المزراعين العرب في طوزخورماتو، لكن معظم المزارعين العرب في عموم المناطق المتنازع عليها سجلوا دعاوى للمطالبة بالأراضي الزراعية أو الحصول على تعويضات.
في عام 2022 فقط، عاد ما لا يقل عن 300 مزارع من المكون العربي من محافظات واسط، الديوانية والناصرية الى خانقين لتسجيل الشكاوى بغرض استعادة الأراضي أو الحصول على تعويضات.
في قضاء طوزخورماتو، توجد نزاعات حول ملكية 52 قطعة أرض زراعية، كل قطعة بحسب مدير زراعة طوزخورماتو، علي جلال، تتراوح مساحتها بين 20 و40 دونم.
العام الماضي، نجح مزارعون عرب من تجديد العقود التي منحت لهم إبان فترة حكم نظام البعث واستعادة ست قطع أراضي في قرية حليوة بقضاء طوزخورماتو.
وقال علي جلال، "نحن لا نستطيع فعل شيء إزاء قرارات لحكمة، لذا جددنا عقود المزارعين والأراضي الآن باسمهم ضمن الخطة الزراعية للعام الحالي".
بصورة عامة، ترفض دوائر الزراعة تجديد أي عقد زراعي للأراضي الواقعة ضمن المناطق المتنازع عليها، لكن الذين نجحوا في تجديدها هم ممن سجلوا دعاوى وفازوا بها في المحاكم.