رغم التقدم الذي أحرزته المرأة العراقية في مختلف المجالات، إلا أن مشاركتها الفاعلة في صنع القرار لا تزال تواجه تحديات كبيرة، خاصة على المستوى المحلي.
كسبت العديد من النساء أصواتًا انتخابية كبيرة أهلتهن لدخول مجالس المحافظات، لكن حضورهن في صنع القرار لا يزال ضعيفًا، فالمناصب التنفيذية العليا لا تزال حكرًا على الرجال وهناك معوقات أمام مسيرتهن نحو التمكين الحقيقي.
حسب متابعات (كركوك ناو)، من أصل 76 مرشحة فائزة بمقعد في مجالس المحافظات، 17 منهن فزن بالأصوات التي حصلن عليها دون العودة لنظام الكوتا، ثلاث منهن حصدن أعلى الأصوات في قوائمهن، وفقًا للنتائج النهائية للانتخابات.
قانون انتخابات مجالس المحافظات خصص أكثر من 25 بالمائة من المقاعد للنساء، أي ما يعادل 75 مقعدًا من مجموع 285 مقعدًا في مجالس المحافظات (باستثناء إقليم كوردستان).
تنظيمات نسوية لتمكين المرأة
أكدت سلوى المفرجي، عضو مجلس محافظة كركوك عن التحالف العربي أنها تخطط مستقبلاً لإنشاء تنظيمات نسوية انطلاقاً من مكتبها الخاص، مع التنسيق مع سوسن جدوع، عضو مجلس المحافظة عن المكون التركماني، لإقامة أنشطة تسهم في دعم المرأة.
وقالت المفرجي إنها تدرك أهمية قرارات مجلس الأمن المتعلقة بتمكين المرأة في أوقات النزاعات، وتعمل وفق خطة لتعزيز دور النساء في المجتمع، وتشجيعهن على تولي مكانة بارزة.
وبينت أنها تلاحظ حالياً "تطوراً إيجابياً في حضور النساء السياسي، وهذا الحضور يتزايد بمرور الوقت لا سيما في محافظة كركوك". وأوضحت أنها تؤمن بأن كل ورشة عمل أو فكرة، مفيدة لتطوير المرأة في جانب من جوانب الحياة، مؤكدة أن "لديها اهتمام طويل الأمد بقضايا النساء".
فقط في كركوك تجاوزت النساء الكوتا، بعد ظفرهن بخمسة مقاعد من مجموع 16 مقعد في مجلس المحافظة، حيث خصصت لهن أربعة مقاعد وفق نظام الكوتا، اثنتان من هؤلاء المرشحات فزن بالاعتماد على الأصوات التي حصلن عليها.
وفيما يتعلق بحضورها السياسي، لفتت المفرجي إلى أنها ناقشت سابقاً في أحد بحوثها نظام (الكوتا)، الذي اعتبرته "منة" تحدّ من قيمة المرأة. وترى أن النساء قادرات على الصعود إلى المناصب المهمة إذا أتيحت لهن الفرصة المناسبة دون الحاجة إلى (كوتا) وحتى إذا تم تقديم نظام (الكوتا)، فيجب أن يكون منفصلاً عن النساء اللاتي حصلن على أصواتهن في الانتخابات.
وأشارت إلى أن "المرأة أثبتت قدرتها القيادية عالمياً، وأنها أكثر التزاماً من الرجل في كثير من الأحيان".
في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم 18 كانون الأول 2023 في 15 محافظة، من بين حوالي 6 آلاف مرشح، تنافست أكثر من ألف و600 امرأة للفوز بمقاعد في المجالس.
مشاريع صغيرة لدعم المرأة
أوضحت سمية الخابوري، عضو مجلس محافظة نينوى، أن المرأة في نينوى هي الأكثر حاجة للدعم، وهي مدركة تماماً لهذه الحقيقة، إذ يعتبر ذلك أحد أهدافها الرئيسية.
وأضافت في حديث مع (كركوك ناو) أنها قبل انضمامها إلى مجلس المحافظة، كانت مسؤولة عن منظمة "زهرة الحدباء للتنمية والإغاثة"، حيث ركزت بشكل كبير على العمل مع النساء.
"إن النساء يشكلن الجزء الأكبر من قاعدة دعمها، ويستفدن من المشاريع التي تسهم في تحقيق ذاتهن وتعزيز وجودهن في المجتمع". وأشارت الخابوري إلى أن هذه المشاريع تدعم المرأة وأسرتها سواء كانت ناشطة، محامية، أو سياسية، مؤكدة أن "تقوية المرأة ينعكس بشكل مباشر على قوة المجتمع".
المرأة العراقية في المجال التشريعي لها دور مهم وواضح
في محافظة نينوى فازت 7 نساء بمقاعد، وهو العدد المحدد بنظام الكوتا، أربعة منهن فزن دون اللجوء للكوتا، اثنتان منهن حصدن اعلى الأصوات في قوائمهن.
وأضافت الخابوري أن هناك العديد من المشاريع، بما في ذلك توفير فرص رزق صغيرة للنساء، وأن المنظمة تتكفل بالعديد من الحالات المحتاجة. كما أعلنت عبر (كركوك ناو) عن انطلاق حملة لتجهيز المستلزمات المدرسية للأطفال، في إطار الجهود المستمرة لدعم الأسر والنساء في المحافظة.
توجهات لزيادة تمثيل المرأة في الحكومة المحلية
أوضحت امل مرعي، وهي رئيسة لجنة الخدمات والأعمار في محافظة صلاح الدين أن المرأة تعاني في اغلب المحافظات.
وقالت مرعي "نحن نعيش في مجتمعات عشائرية بحتة، لا يعطون للمراة دوراً في المجالات التنفيذية، فالمرأة العراقية في المجال التشريعي لها دور مهم وواضح لكن في المجال التنفيذي ويبدو ان هذا الدور هو بسبب الدستور الذي اقر لها حصة لا تقل عن 25٪ من عدد أعضاء المجلس مع زيادتها".
مبينة أنه من المفترض أن تراعي الحكومة هذه النسبة في الدوائر التنفيذية أيضا. قائلة "بما ان التجربة أثبتت أن المرأة اكثر نزاهة من الرجل واكثر التزام منه بسبب أمور اجتماعية تتعلق بسمعتها وشرفها ارشح ان تكون المراكز الحساسة لاسيما الجوانب المالية بيد المرأة".
تضم الكابينة الوزارية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني ثلاث نساء من مجموع 23 وزير، أي بنسبة 13 بالمائة. ويأتي ذلك في حين تم تخصيص 83 مقعد من اصل 329 مقعد في مجلس النواب العراقي للنساء، أي ما يعادل نسبة 25 بالمائة. وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في تشرين الأول 2021، تمكنت النساء من تخطى نسبة الكوتا وضمان 97 مقعد، 57 منهن فزن دون اللجوء للكوتا.
وأشارت مرعي إلى أن "كل المؤتمرات والورش التي نحضرها لدعم المرأة هي عبارة عن مواد مستهلكة فقط، ولا يوجد أي مؤتمر عالج بشكل حقيقي التحديات التي تواجه المرأة في المجال السياسي".
وأضافت "اسعى الى وضع الية تبين التحديات التي تواجه المرأة ونتبناها كمبادرة لمجلس محافظة صلاح الدين ونعطي الحلول الناجحة لزيادة عدد الحضور النسوي في السلطة التنفيذية".
بعد عام 2003 وبدء مرحلة جديدة من الحكم في العراق، تم تثبيت كوتا النساء بموجب الدستور وبعد ذلك بالقوانين التشريعية، وأُشتُرِط َ أن لا يتجاوز عدد المقاعد المخصصة للنساء نسبة 25% من مجموع المقاعد البرلمانية.
فضلاً عن تثبيت نظام الكوتا، منح الدستور العراقي في المادة 20 النساء اسوةً بالرجال حق المشاركة في الشؤون العامة والحقوق السياسية كالتصويت، والترشح.
ولفتت مرعي إلى أنه "في عام 2014 كانت نسبة المرأة في المجال السياسي اكثر من 25٪ مع الأسف تراجعت نسبة المرأة، لا سيما مع التشريعات التي بصدد تشريعها والتي تجحف من حقوق المرأة التي اسنتها الشريعة الإسلامية".
في ديالى فازت أربع نساء بمقاعد في مجلس المحافظة، وهي نفس نسبة الكوتا، لكن اثنتين منهن فزن بالاعتماد على الأصوات التي حصلن عليها، أما في صلاح الدين ففازت أربع نساء بمقاعد بالاستناد الى نظام الكوتا.
من جانبها بينت سعدية السلطاني وهي امين عام مجلس محافظة صلاح الدين ورئيس اللجنة المالية والإدارية في المحافظة، انها مهتمة بدعوة مجلس النواب للتصويت وإعادة نسبة مشاركة المرأة في الحكومة.
وأكدت السلطاني ان المرأة نصف المجتمع وهي تنجب الرجال، وعلى مستوى المجالس المحلية والمناصب الإدارية "تغبن حقوق المرأة رغم انها تتابع وتدقق الأوراق والقرارات السياسية أكثر من الرجال، فالمرأة حساسة في الأمور المالية وتخاف كثيرا على سمعتها".
وبينت انها مهتمة بعودة النازحات وتطالب بتوفير حياة كريمة لهم.