أبقى التعديل في قانون الأحوال الشخصية سن الزواج على ما كان عليه ولن يجيز تزويج الفتيات في سن التاسعة، والذي أثار احتجاجات في الداخل والخارج.
جريدة الوقائع العراقية نشرت في عددها 4814 بتاريخ 17 شباط 2025 نص تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ليُدخل بذلك مباشرةً حيز التنفيذ.
وفقاً للتعديل يلتزم المجلس العلمي عند وضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية بضمان عدم النص على تقليل سن الزواج والسماح بما يخالف المنصوص عليه في المادة 8 من قانون الأحوال الشخصية.
بموجب هذه الفقرة من التعديل الجديد لا يسمح بزواج الفتيات في سن التاسعة.
تنص الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون الأحوال الشخصية على إنه "إذا طلب من أكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج فللقاضي أن يأذن به إذا ثبت له أهليته وقابليته البدنية بعد موافقة وليه الشرعي، فإذا امتنع الولي طلب القاضي منه موافقته خلال مدة يحددها له فإذا لم يعترض أو كان إعتراضه غير جدير بالاعتبار أذن القاضي بالزواج.
وتنص الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "للقاضي أن يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر إذا وجد ضرورة قصوى تدعو إلى ذلك ويشترط لإعطاء ألأذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية".
مخاوف المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة ومنها الدولية تمثلت في أن التعديل المقترح للقانون يسمح لزواج الفتيات في سن التاسعة، نظراً لأن بعض المذاهب تجيز الزواج في هذه السن، كما أن المسودة قبل أقرارها لم تكن تتضمن أي فقرة تخص سن الزواج أو تلزم مدونة الأحكام الشرعية بالسن المذكورة في القانون القديم أي سن الـ15.

نينوى/ 2024/ تجمع احتجاجي نسوي ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية تصوير: أحمد بله
العام الماضي، طالب البرلمان الأوروبي بالرفض الفوري والتام للتعديلات المقترحة في قانون الأحوال الشخصية، لأنها تنتهك الحقوق الأساسية للمرأة، وحذر من مغبة تراجع سمعة العراق الدولية وحجب بعض المساعدات الأجنبية. المطالب الأوروبية جاءت في إطار قرارٍ أصدره في 10 تشرين الأول 2024 حول التعديلات المقترحة في قانون الأحوال الشخصية في العراق رقم 188 لسنة 1959، والتي أثارت موجة من الاحتجاجات من قبل المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة، من بينها "تحالف 188" الذي يضم عدداً من منظمات المجتمع المدني وناشطات حقوق المرأة.
كل من منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" أعربتا عن قلقهما من تلك الخطوة ونشرتا تقريرين للاحتجاج على تعديل قانون الأحوال الشخصية، بالأخص فيما يتعلق بزواج الفتيات في سن التاسعة.
وفقاً لتقرير صدر من مجلس القضاء الأعلي في العراق، يعتبر الزواج المبكر من الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع معدلات الطلاق، فيما أظهرت احصائيات منظمة الأمم المتحدة أن 28 بالمائة من فتيات العراق يتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة، وكشفت احصائية لبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) أن 22 بالمائة من حالات الزواج غير المسجلة هي لفتيات دون سن الـ14، ويأتي ذلك في حين حذرت الأمم المتحدة من أن الفتيات اللائي يُجبرن على الزواج قبل سن الـ18 أكثر عرضة للتعنيف والتهديد والمشاكل الصحية.
في مقابل هذه الاحتجاجات، عبّر مجلس القضاء الأعلى في العراق عبر ببيان صدر في 22 أيلول 2024 عن دعمه للتعديلات المقترحة في القانون ونفى أن تكون خطوة لتشجيع الزواج المبكر وأوضح بأن التعديلات تستند الى أحكام المادة 41 من الدستور العراقي الذي ينص على أن "العراقيين احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون".
التعديل الذي أقرّه البرلمان العراقي في 21 كانون الثاني 2024 ويتم العمل به حالياً مختلف مقارنةً بالمسودة التي تمت القراءة الأولى لها وقد تم تغيير مضمونه، من بينها حذف الفقرات والنصوص المتعلقة بالمذهب السني، نظراً لأن من أسباب تمرير التعديل عدم شموله للمذهب السني الذي رفض قبوله.
يتضمن التعديل إضافة فقرة ثالثة للمادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية والتي تنص أحد نقاطها على أن للعراقي المسلم والعراقية المسلمة عند إبرام عقد الزواج وتسجيله في محكمة الأحوال الشخصية اختيار أن تطبق عليهما وعلى أولادهما القاصرين (دون سن الـ18) أحكام المذهب الشيعي "الجعفري" في جميع مسائل الأحوال الشخصية، وليس لهما تغيير خيارهما لاحقاً.

كركوك/ تموز 2021/ تجمع نسوي ضد مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية تصوير: كركوك ناو
المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي بالتعاون مع عدد من القضاة والخبراء القانونيين بالتنسيق مع مجلس الدولة يضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وفقاً للمذهب الشيعي الجعفري ويحيلها إلى البرلمان العراقي لإقرارها خلال أربعة اشهر من تاريخ تنفيذ القانون، وقد تم إلزام البرلمان بالموافقة على المدونة خلال 30 يوماً ووضعها طور التنفيذ.
وتتعلق فقرة أخرى من مسودة تعديل قانون الأحوال الشخصية والتي أثارت موجة من الاحتجاجات بتصديق عقود الزواج المبرمة خارج المحكمة، لكن الفقرة حذفت أثناء الإقرار.
كما جاء في التعديل أن مدونة الأحكام الشرعية التي يضعها الوقف الشيعي يجب أن لا تتضمن أي فقرة تنص على تحديد حق حضانة الأم للولد – ذكراً كان أو أنثى- بأقل من سبع سنوات أو ما لا ينسجم مع مصلحة المحضون ومن ليس له حق الحضانة من أبويه في اللقاء والتواصل بينهما بالمقدار اللائق والمناسب مدةً ومكاناً، بل أن المحكمة تعطي الولد في سن الـ15 حق الاختيار بين الأب أو الأم.
فيما يخص مسألة تعدد الزوجات تلتزم مدونة الأحكام الشرعية بضمان عدم النص على مخالفة المنصوص عليه في الفقرتين 4 و5 من المادة 3 من قانون الأحوال الشخصية حيث تنص الفقرة 4 على أنه لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة إلا بإذن القاضي ويشترط لإعطاء الإذن تحقق الشرطين التاليين: أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة. وأن تكون هناك مصلحة مشروعة، في حين تنص الفقرة 5 على أنه إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي.
بموجب التعديل الجديد لقانون الأحوال الشخصية، للزوج والزوجة ممن أبرما عقد الزواج قبل التعديل طلب تطبيق أحكام المذهب الشيعي الجعفري عليهما وعلى أولادهما القاصرين.
في حين تلتزم المحكمة بتنفيذ أحام مدونة الأحكام الشرعية في إصدار أي قرار يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية (للمشمولين بأحكام المذهب الشيعي الجعفري).
إذا كان هناك تعارض في قضية ما حول اختيار أحكام المذهب الشيعي الجعفري أو قانون الأحوال الشخصية، تستند المحكمة إلى رأي الأغلبية أو تعود إلى الخيار الذي يحقق العدالة.
تعديل قانون الأحوال الشخصية لم يمرر في 2014 و2017، إلى أن تم تقديم مشروع تعديل القانون لرئاسة مجلس النواب العراقي من قبل النائب رائد المالكي بدعم من نواب ومسؤولين من المذهب الشيعي، من ضمنهم الإطار التنسيقي.
القراءة الأولى لمشروع قانون التعديل جرت في 4 آب 2024، وسعى البرلمان لإتمام القراءة الثانية للمشروع، لكن احتجاجات بعض النواب المعارضين حالت دون اكتمال النصاب القانوني للجلسة. القراءة الثانية لمشروع القانون جرت في 16 أيلول وكان من المقرر التصويت عليه مطلع تشرين الأول 2024، لكنه تأجل الى إشعار آخر.
لكن بموجب اتفاق بين معظم الكتل الشيعية، السنة، الكورد والتركمان تم إقرار تعديل (قانون الأحوال الشخصية في صالح الشيعة) فضلاً عن قانونين آخرين، (العفو العام لصالح العرب السنة) و (قانون إعادة العقارات الى أصحابها لصالح الكورد والتركمان) برزمة واحدة.