أخيرا، وصل القادة العسكريون المجتمعون في قضاء سنجار الى اتفاق لاحتواء الاشتباكات المسلحة التي حصلت بين قوة من الجيش العراقي ووحدات حماية سنجار المعروفة بـ "اليبشة" والتي تمسك ملف حماية القضاء التابع لمحافظة نينوى، والذي يقع ضمن المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الفيدارلية وحكومة اقليم كوردستان لشموله بالمادة 140 من الدستور العراقي.
يقول قائد حماية وحدات سنجار، سردشت سنجاري: " توصلنا الى اتفاق مع الجيش العراقي، وهذا الجيش هو جيشنا ونحن قوة رسمية تابعة لقوات الحشد الشعبي العراقي، وملتزمين بالقرارات التي تصدر من الحكومة الاتحادية في بغداد".
السنجاري وخلال حديثه لـ كركوك ناو، يؤكد أن " هناك تقارير ومعلومات وصلت الى بغداد بشكل خاطئ، لكن تم توضيح الامر فيما بعد وكان سوء فهم، وعادت الاجواء اكثر هدوءا عما كانت عليه، والسيطرة التي حدث فيها الاشتباك الان تدار بالتنسيق".
التوصل الى ثلاثة نقاط رئيسية.
واصدرت قيادة حماية سنجار بيان اكدت فيه: " تم الاتفاق مع الجيش العراقي ونحن ضمن القوات العراقية ومهمتنا حماية سنجار وهذه الاحداث لن تتكرر".
التوصل الى ثلاثة نقاط رئيسية هكذا يصف، قائممقام سنجار فهد حامد، ملخص الاحداث والاجتماعات التي جرت مؤخرا في القضاء ويؤكد، ان "الاطراف المعنية من الجيش العراقي وقوات حماية سنجار ستعمل على تقوية التنسيق العسكري فيما بينها وتمون المهام مشتركة، وقوات اليبشة تطبق القرارات والتعليمات التي تصدر من بغداد، فضلا عن الاتفاق على عدم تكرار هذا مثل هذه الاحداث مهما حصل".
ويقول حامد لـ كركوك ناو، ان " هناك لجنة تحقيقية عسكرية للوقوف على ملابسات الحادث".
ووقعت الاشتباكات بحسب رواية السلطات الامنية العراقية، يوم الاحد 17 اذار 2019، بعد ان "اعتدت قوة من حزب العمال على حاجز أمني تابع للفوج الأول لواء 72 التابع لقيادة عمليات نينوى، بعد أن طلب أحد الجنود من العناصر الاستحصال على الموافقات الأمنية بغية السماح لها باجتياز السيطرة، لتقوم بعد ذلك تلك القوة بدهس الجندي والاعتداء على الحاجز، ووقع على اثر ذلك، اشتباكا بينهما أسفر عن مقتل جنديين عراقيين، وإصابة خمسة من عناصر حزب العمال الكوردستاني".
فتح معبر حدودي
وعقد في قضاء سنجار، يوم الاربعاء 20 اذار 2019، اجتماعا عسكريا ضم رئيس اركان الجيش عثمان الغانمي - عقب وصوله الى سنجار بساعات - ومعاون رئيس اركان الجيش للعمليات عبد الامير يارالله وقائد القوات البرية وكالة ضياء دنبوس ومدير الاستخبارات العسكرية سعد مزهر العلاق واطراف ايزيدية ومسؤولين محليين، اتفق فيه المجتمعون على بعض الامور لتهدئة الاوضاع في القضاء.
وبحسب مصدر عسكري، فان المجتمعين "اتفقوا على تشكيل لجنة لتسليم المنفذين بحادثة الاعتداء على الجيش واعادة فتح معبر يارا على الحدود العراقية السورية وادارتها من قبل قوة مشتركة"، مشيرا الى ان القادة الامنيين "تسلموا طلبا من وجهاء سنجار يقضي بالسماح بانخراط مسلحين ايزيديين وانضمامهم للشرطة والجيش، كانوا هؤلاء الايزيديين قد قاتلوا تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" في جبل سنجار".
وبعد انتهاء الاجتماع، اصدر مكتب رئيس اركان الجيش، الفريق اول الركن عثمان الغانمي، بيانا صحفيا، قال فيه ان الغانمي "تفقد قضاء سنجار، وشملت زيارته عقد اجتماع في مقر ممثلية مجلس الوزراء مع قائممقام القضاء ومدراء النواحي وعدد من شيوخها وبحضور معاون رئيس اركان الجيش نائب قائد العمليات المشتركة ووكيل مستشارية الامن الوطني وقائد القوات البرية ومدير الاستخبارات العسكرية وقائد عمليات نينوى وقائد الفرقة الخامسة عشر وعدد من ضباط هيئة الركن".
واستمع الغانمي، بحسب البيان، الى "ممثلي اهالي سنجار الذين رحبوا بهذه الزيارة واشادوا بدور الجيش العراقي في حفظ الامن والتعاون مع المواطنين ومنع المظاهر المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة".
ووجه رئيس الاركان بـ"أرسال قوات لتعزيز الامن في القضاء وحصر السلاح بيد قوات الجيش والضرب بيد من حديد لكل من يسيء للمواطنين وقواتنا الامنية، لأن الجيش العراقي يمثل هيبة الدولة، وهي خط احمر".
كما وجه ايضا بـ"ضرورة القضاء على عصابات التهريب ومحاربة الفساد الاداري الذي يعتبر جريمة لا تقل خطورة عن الارهاب، بالإضافة الى التأكيد على تفعيل الجهد الاستخباري وتفعيل الكمائن وتشديد الاجراءات في السيطرات لمنع حدوث اي تسلل يستغله العدو الارهابي"، مؤكداً في الوقت نفسه على "احترام المواطنين وكسب ثقتهم".
وصول الغانمي الى سنجار جاء بعد ساعات من حديث، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن "احتواء تطورات الاوضاع في قضاء سنجار".
وقال عبد المهدي في كلمة له خلال المؤتمر الاسبوعي مساء الثلاثاء 19 اذار 2019، إنه "تم احتواء تطورات الاوضاع في سنجار واتخاذ الاجراءات اللازمة".
يذكر ان قيادة العمليات المشتركة، اصدرت، الاثنين 18 اذار 2019، بيانا جديدا بشأن الاحداث، وقالت فيه ان "الاعتداء على نقطة تفتيش في قرية حصاويك بسنجار، جاء بعد تسلل مجموعة من اربعة اشخاص من الاراضي السورية باتجاه الاراضي العراقية".
واضافت: "تم تطويقهم من قبل كمين من الفرقة ١٥ في قرية حصاويك واثناء تطويق الكمين حضرت قوة من حماية سنجار لمساعدة الاشخاص".
وتابعت القيادة انه "على اثر ذلك حدث اشتباك مما ادى الى مقتل جندين وجرح عدد من الجنود ومن قوة حماية سنجار".
وبعد ساعتين من اندلاع الاشتباكات، اعلنت خلية الاعلام الامني، ان قوة من الـPKK اعتدت على سيطرة امنية ودهست احد الجنود في قضاء سنجار.
وقالت الخلية في بيان ان "قوة من الـPKK اعتدت على سيطرة امنية تابعة للفوج الاول لواء ٧٢ التابع لقيادة عمليات نينوى بعد ان طالب احد الجنود قوات ال بكه كه باستحصال الموافقات الامنية بغية السماح لها باجتياز السيطرة".
واضافت ان "تلك القوات قامت بدهس الجندي و الاعتداء على السيطرة"، مشيرة الى ان " ذلك ادى الى اندلاع اشتباك بين الطرفين أسفر عن مقتل جنديين من قوات الفوج الاول و إصابة خمسة من قوات الـPKK".
مجلس سنجار يعلق
اما مجلس الادارة الذاتية في سنجار فقد دان ما وصفه بـ"الهجوم على وحدات مقاومة شنكال".
واوضح المجلس في بيان اصدره يوم الاثنين 18 اذار 2019، : "كما نعلم ان الحكومة العراقية لم تقم بمسؤوليتها تجاه اطفال و نساء ايزيدخان، و تركتهم ضحية بيد داعش، واليوم نرى انها تهاجم المجتمع الايزيدي بدلاً من تعويض القيام بواجبها تجاه هذا الشعب".
واتهم مجلس شنكال الجيش العراقي منذ سيطرته على المنطقة في نيسان 2018، بتكرار اعتدائه على اهالي شنكال و تضيق الخناق عليهم ومحاصرتهم، مضيفا ان "مجيء الجيش العراقي الى شنكال لم يحدث تطورا ايجابيا يتلمسه الشعب في شنكال، ونموذج عن ذلك هو قيام الحكومة العراقية باغلاق المنفذ الوحيد الذي كان يتنفس منه اهالي شنكال ، ذلك المنفذ الانساني على الحدود السورية العراقية الذي انقذ عبره الاف الايزيدين حين حلت عليهم هجمات الابادة على يد داعش".
منطق و ذهنية الدولة العراقية على الاصعدة السياسية و الدفاعية لم يتغير.
وتابع المجلس : "للاسف، مجيء الجيش العراقي اغلق منفذنا الوحيد الذي يتنفس منه شعبنا، فيتم مضايقة دخول الاطفال و النساء المحريين من قبضة داعش في سوريا، ويمنع دخولهم الى موطنهم، و في كل مرة تصر امهاتنا على فتح المنفذ يتعرضن لفوهات سلاح الجيش العراقي، وفي الوقت الذي يعلم جيمع العالم ان الايزيديين تبعثروا في ارجاء الارض نتيجة الابادة التي ارتكبت بحقهم، تقوم الحكومة العراقية بمضايقة عودة الشنكاليين الى ارضهم."
واكد المجلس : "الدولة العراقية لم تغير ذهنيتها وتريد ان تعيد المجتمع الايزيدي كما لو كان قبل الابادة، و ظهر ذلك حين دفعت وفد لها ترأسه فالح الفياض لتفرض رأيها على قواتنا في شنكال، ونشرها تحت اسم الشرطة الاتحادية، و هذا يدل على ان منطق و ذهنية الدولة العراقية على الاصعدة السياسية و الدفاعية لم يتغير، و تريد السيطرة على مجتمعنا و اخضاعه لها كما زمن ما قبل الابادة."
وزار الفياض، قضاء سنجار مطلع شهر اذار الجاري، واجتمع مع وجهاء القضاء والاحزاب السياسية، وطرح ثلاثة اسماء لاختيار احدهم لتولي منصب قائممقام القضاء، وهم كل من علي خلف حسو، حيدر الياس وخدر صالح، والذين قوبلوا بالرفض من قبل المجلس المؤقت للقضاء الذي قام هذا الاخير بالاتفاق مع عدد من الاحزاب ووجهاء العشائر على ابقاء فهد حامد في منصبه، قائم مقام سنجار وكالة لحين حسم المرشح البديل.
وتابع المجلس في بيانه: "حين نضع امام اعيننا تعرض ابنائنا في وحدات مقاومة شنكال YBŞ للهجوم، نرى ان الدولة التي لم تستطع كسر ارادة مجتمع شنكال سياسيا، وعرفت ان هذه الارادة لن تستسلم كما السابق، لذا تستخدم لغة قوة السلاح وتستهدف ابنائنا و بناتنا."
وختم بيان المجلس بالقول: "نحن في مجلس الادارة الذاتية الديمقراطية في شنكال، ندين بشدة هذا الاعتداء من قبل الجيش العراقي، و ندعو شعبنا للوقوف امام هذه المخططات المستهدفة لارادتهم الحرة. كما ندعو جميع ابناء الشعب في داخل الوطن و خارجه، للانتفاض امام مؤسسات الامم المتحدة والمنظمات الدولية والحقوقية، لادانة الاعتداء الذي يستهدف ارادة مجتمعنا الايزيدي.
وتجددت الاشتباكات المسلحة بين الجيش العراقي وعناصر وحدات حماية سنجار، صباح الاثنين، 18 اذار 2019، حيث شهدت المدينة توترا، بعد ان رفض حزب العمال طلبات للجيش العراقي منها الانسحاب من مقاره وتسليم المتورطين بالهجوم السابق.
وعقب ذلك، تجددت االاشتباكات بين قوات "اليبشة" وعناصر الجيش العراقي في مفرق شلو بين مفرق سنجار وقرية ام جريص.
هذا الاشتباك الجديد اسفر، بحسب مصادر محلية، عن احتراق عجلة همر للجيش العراقي وعجلة لـ"اليبشة".
وعن هذه الاحداث، يرى قائمقام قضاء سنجار، التابع لحزب بارزاني، والذي غادر القضاء بالتزامن مع انطلاق عمليات عسكرية في 16 تشرين الاول 2017، واعادت القوات الاتحادية انتشارها في المناطق المتنازع عليها، محما خليل انه "ما زالت قوات الحشد والـPKK باقین في منطقة سنجار فإنها لن تهنأ بالأمن والإستقرار".
هي المرة الأولى التي نرى فيها قوات غير عراقية تقتل جنودا عراقيين وتتفاوض معهم.
وقال خليل في تصريح نقله موقع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، انه بعد ان حاولت مجموعة من مسلحي حزب العمال الكوردستاني اجتياز الحدود والدخول الى الأراضي العراقية، منعتهم قوة من الجيش العراقي الذين يرابطون على الحدود بين الجانبين فقام المسلحون بإطلاق النار على قوات النقطة الحدودية من الجيش العراقي ما اجبر القوات العراقية على الرد والدفاع عن النفس، واستمرت المصادمات لمدة ساعة كاملة تقريباً، وقدِمت قوة من مسلحي الـ PKK المرابطین في الجبل لمساندة القوه الأولى واشتبكت ایضاً مع قوة من الجیش العراقی عند نقطة سیطرة تربكاش بمنطقة سنوني نتج عنه مقتل جنديين من الجيش العراقي وكذلك اثنين من مقاتلي حزب العمال وجرح ثلاثة منهم نقلوا الى مستشفى قامشلو للعلاج".
وأضاف خليل : انه "من المقرر ان يجتمع الجيش العراقي مع حزب العمال، وهي المرة الأولى التي نرى فيها قوات غير عراقية تقتل جنودا عراقيين وتتفاوض معهم الجهات العراقية ما يعد خرق آخر جديد للأعراف".
واردف : "كنا كإدارة سنجار قد حذرنا سابقاً بأن تواجد هذه القوات ليست في مصلحة المنطقة واهلها وهو خرق للدستور أيضا، والحكومة العراقية مسؤولة عن ما يحدث كونها هي من زودتهم بالسلاح والراتب، لذا لزاماً عليها ان تعالج هي المشكلة".
وأوضح خليل : "قوات الـPKK تتنقل بشكل یومي عبر الحدود بین العراق وسوریا كونها مفتوحة، ولو بقیت قوات الحشد والـPKK في منطقة سنجار فإنها لن تهنأ بالأمن والإستقرار".
أما القيادي في تحالف "القرار" المحافظ السابق لنينوى اثيل النجيفي فقد وجد في هذه الاحداث، "جرس تنبيه حول خطورة الاوضاع في سنجار".
وكتب النجيفي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "توتير"، ان اشتباك الجيش العراقي مع منظمة الـ YPG في سنجار على اثر تسلل مسلحين من سوريا جرس تنبيه جديد حول خطورة الاوضاع في تلك البقعة الحساسة".
وحذر النجيفي : انه "إذا بقي هذا المسار فقد تفتح سنجار الباب لتدويل المنطقة".