هناك مخاوف من تعرض الصحفي سليمان أحمد (35 سنة) لـ"ضغوط" تجبره على الاعتراف بأمور لم يرتكبها قد تلحق به عقوبات أو أن "تلفق" له قضايا وهمية، بحسب مؤسسته الصحفية ومحاميه والمنظمات التي تتابع القضية.
في 25 تشرين الأول الماضي، تم اعتقال سليمان أحمد، محرر أخبار في القسم العربي بمؤسسة روزنيوز، في منفذ فيشخابور (سيميلكا) الحدودي، أثناء عودته من غرب كوردستان (روجافا) بسوريا الى اقليم كوردستان العراق واختفى أثره لخمسة ايام قبل أن يكشف جهاز آسايش دهوك بأنه موقوف عندهم.
سليمان أحمد من أهالي مدينة عفرين السورية، ويقيم منذ عام 2018 بصورة قانونية في اقليم كوردستان.
في تشرين الأول 2023، عاد الى روجافا ليشارك في مجلس عزاء والده، واعتقل أثناء عودته الى اقليم كوردستان العراق.
لا أحد يخبرنا ما المادة القانونية التي اعتقل سليمان أحمد بموجبها، لكي نعرف ما الاجراءات التي يجب أن نتخذها
آسايش دهوك لم تذكر في بيانها بشأن قضية سليمان أحمد بصفة صحفي وأشارت الى أن قوات الآسايش "اعتقلت عنصراً في حزب العمال الكوردستاني كان يتنقل بين روجافا واقليم كوردستان لمهام سرية وغير قانونية لذا تم توقيفه"، وشدد البيان على أن سليمان أحمد "اعترف خلال التحقيقات وسيحال للمحكمة ويتم التعامل معه وفق القانون".
بيان الآسايش جاء بعد أن أعلنت مؤسسة روزنيوز –مؤسسة مرخصة من قبل حكومة اقليم كوردستان-، في بيان اختفاء الصحفي سليمان أحمد واتهمت القوات الأمنية التابعة لإقليم كوردستان باعتقاله.
بوكان كرمياني، رئيس تحرير موقع روزنيوز ومقره في مدينة السليمانية قال لـ(كركوك ناو)، "لا أحد يخبرنا ما المادة القانونية التي اعتقل سليمان أحمد بموجبها، لكي نعرف ما الاجراءات التي يجب أن نتخذها"، واضاف "ابلغنا جميع المنظمات ذات الصلة، نقابة الصحفيين وحكومة الاقليم. خاطبنا منفذ فيشخابور الحدودي بشكل رسمي، لكن لم تبد أية جهة استعدادها للكشف عن مكانه".
مؤسسة روزنيوز كلّفت محاميين لتولي قضية سليمان أحمد، لكنهما لم يتمكنا من مقابلته رغم مرور شهر على اعتقاله.
رئيس تحرير روزنيوز يخشى من أن تجبر القوات الأمنية في دهوك سليمان أحمد التوقيع على اعترافات مزورة "تحت التعذيب" وشدد بأنه "ليس لديهم أي دليل ويسعون لتلفيق أدلة مزورة تدين سليمان أحمد".
نريمان أحمد، أحد المحاميين اللذين كُلِّفا من قبل مؤسسة روزنيوز لتولي قضية سليمان أحمد، أوضح بأن سليمان كان يتنقل بشكل قانوني بين اقليم كوردستان وروجافا، "لديه حق الاقامة في الاقليم، ولم تكن لديه مشاكل أثناء ذهابه الى هناك، لكن خلال عودته اعتقل من قبل القوات الأمنية في منفذ فيشخابور، ثم أحيل الى آسايش دهوك".
"بعد اعتقاله، راجعنا آسايش دهوك العامة لتولي القضية ومتابعة الملف وهناك طلبوا منا إكمال الاجراءات القانونية لكي نتمكن من مواجهته، حينها تأكدنا من تواجده هناك، لكن رغم ذلك لم يقر مسؤولو آسايش دهوك بأنه محتجز عندهم"، بحسب نريمان أحمد.
سليمان أحمد لم يرتكب جريمة والشيء الوحيد الذي ربما اعتقل بسببه هو تنقله بين اقليم كوردستان وروجافا
بعد بيان الآسايش الذي أكد بأن سليمان موقوف عندهم، راجع نريمان أحمد قاضي التحقيق في آسايش دهوك للسماح له بمواجهة سليمان أحمد وتسلم القضية كمحام.
يقول نريمان "القاضي وافق على طلب المواجهة (الوثيقة محفوظة عند كركوك ناو)، لكن المسؤولين في آسايش دهوك تجاهلوا تلك الوثيقة الرسمية ولم يسمحوا لا لسليمان ولا للمحامي بالاطلاع على القضية التي سجلت عليه". لهذا السبب فإن نريمان أحمد، وفق القانون، لم يتول القضية بشكل رسمي حتى الآن.
وقال نريمان أحمد، "الآسايش أخبرونا بأنه لا يمكننا مواجهته وأخذ توكيل منه قبل انتهاء التحقيقات، رغم أن هذا مخالف للقانون".
وفقاً لمبادئ المحاكمة الجزائية لسنة 1973 للمتهم الحق بتوكيل محام ومواجهته بعد 24 ساعة دون تصنيف التهمة الموجهة اليه، لكي يتمكن من الحصول على الاستشارة القانونية منه، سواء قبل أو أثناء التحقيق.
"سليمان أحمد لم يرتكب جريمة والشيء الوحيد الذي ربما اعتقل بسببه هو تنقله بين اقليم كوردستان وروجافا، وهذا أمر قانوني تماماً لأن سليمان تنقل بصورة قانونية"، بحسب نريمان.
أي صحفي يلجأ الينا، حتى إن لم يكن عضواً في نقابتنا نتابع قضيته
على مدار اسبوع، اتصل (كركوك ناو) ثلاث مرات على الأقل بمدير آسايش دهوك، زيرفان بروشكي، وفي 19 تشرين الثاني أُرسِلت له رسالة نصية عن طريق الجوال لتوضيح سبب الاتصال به لكنه لم يرد على اتصالات (كركوك ناو).
نزاكت حسين، رئيسة لجنة الدفاع عن الصحفيين في نقابة صحفيي اقليم كوردستان نفت علمها بالقضية وقالت لمراسل (كركوك ناو)، "سمعت بها منك ومن وسائل الاعلام وليس لدينا أية معلومات بشأنها".
"لم يتصل بنا أحد. لا نستطيع متابعة القضية إن لم يطلب منا الصحفي بنفسه، أو المؤسسة التي يعمل لصالحها أو على الأقل أحد أصدقائه متابعة القضية"، حسبما أوضحت نزاكت حسين.
وأضافت، "أي صحفي يلجأ الينا، حتى إن لم يكن عضواً في نقابتنا نتابع قضيته".
ويأتي ذلك في الوقت الذي شدد فيه بوكان كرمياني، رئيس تحرير روزنيوز، بأنه ابلغ نقابة الصحفيين.
منظمة (CPT)، وهي منظمة دولية تعنى بحقوق الانسان ومقرها الرئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتتابع القضايا المتعلقة بحرية التعبير في كولومبيا، كندا، المكسيك، العراق والضفة الغربية، تتولى حالياً متابعة قضية الصحفي سليمان أحمد.
سليمان كان يتنقل باستمرار عن طريق فيشخابور، إن كانت له صلة بحزب العمال الكوردستاني، كما يدّعي الآسايش، لماذا لم يعتقلوه من قبل
كامران عثمان، عضو فريق كوردستان العراق في المنظمة قال لـ(كركوك ناو)، "حسب معلوماتنا، سليمان أحمد كان برفقة شخص يحمل الجنسية المصرية أثناء اعتقاله، كما أن الفيزا التي سافر بها كتب عليها أن (سليمان يعمل في شركة كندية بالسليمانية)، لأنه حصل على الفيزا بهذه الطريقة".
ولم يخف العضو في منظمة (CPT) خوفه من أن "تلفق له تهمة ارتكاب التزوير ومحاكمته بهذه التهمة".
ويقول كامران عثمان، "في قضية سليمان احمد حدثت انتهاكات، لأن آسايش دهوك كشفت عن تواجده عندهم بعد خمسة ايام من اعتقاله تحت ضغوط وسائل الاعلام".
وأضاف، "حسب متابعاتنا، سليمان كان يتنقل باستمرار عن طريق فيشخابور، إن كانت له صلة بحزب العمال الكوردستاني، كما يدّعي الآسايش، لماذا لم يعتقلوه من قبل؟ علماً بأنه لا يوجد حتى الآن قانون ينص على اعتقال الأشخاص الذين لديهم صلة بهذا الحزب".
دياري محمد، مدير مركز ميترو للدفاع عن الصحفيين قال في مؤتمر صحفي عقد في 31 تشرين الأول 2023 بمدينة السليمانية، "الطريقة التي اعتقل بها سليمان أحمد، تغييبه ومن ثم اتهامه بانتمائه لمجموعة مسلحة، ولّد لدينا مخاوف من أن يتم التعامل مع قضية سليمان أحمد كما تم التعامل مع قضية صحفيي بادينان".
في 16 شباط 2021، حكمت محكمة جنايات أربيل على خمسة صحفيين وناشطين من منطقة بادينان بإقليم كوردستان بالسجن لمدة ست سنوات بعد اتهامهم بـ"التجسس والسعي للانقلاب وإثارة الشغب"، ثلاثة منهم لا زالوا في السجن.
كوهدار زيباري، أحد الصحفيين الخمسة، ستوجه اليه تهمة جديدة حال انتهاء فترة حكمه، وقد حكم عليه حتى الآن في ثلاث قضايا مختلفة.
أما شيروان شيرواني، صحفي آخر من بادينان، حكم عليه في تموز الماضي من قبل محكمة أربيل بالسجن لسنة إضافية بتهمة "التزوير".
رئيس تحرير روزنيوز يرى بأن اعتقال سليمان أحمد امتداد للحملة التي أطلقتها حكومة اقليم كوردستان لقمع الأصوات الحرة.